يبدو أن الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز ضواحي مراكش وما زالت السلطات تحصي الخسائر البشرية والمادية الناتجة عنه أثار الكثير من التساؤلات في صفوف المغاربة الذين خرج غالبيتهم إلى الشوارع مرعوبين من شدة الاهتزازات التي طالت جل المدن.
1
2
3
وأمام هذا الوضع، انتشرت الكثير من “الشائعات والتحليلات” الفاقدة لأي سند علمي في وسائل التواصل الاجتماعي، دفعت البعض إلى المبيت خارج المنازل خوفا من تكرار الهزة بشكل أقوى وأعنف؛ الأمر الذي شكك فيه خبراء في الجيولوجيا والزلازل.
بدر الصفراوي، الخبير والباحث في علوم الطبقات الأرضية والرسوبيات، اعتبر، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز بالنسبة للجيولوجيين “أمر متوقع”، مؤكدا أن القشرة الأرضية بالمنطقة يخترقها فالق كبير ينطلق من أكادير وبداية سلسلة جبال الأطلس الكبير مرورا بالجزائر ويصل حتى تونس.
وأضاف الصفراوي موضحا أن هناك “فالق تزنتاس المعروف بالمنطقة يجعلها معرضة في أية لحظة للزلزال”، مبرزا أن “الأرض تعرف حركية داخلية، وعندما تتحرك صفيحة تكتونية تتكسر وتنبعث منها طاقة كبيرة تنتشر عبر الأرض على شكل هزات تختلف درجة قوتها”.
وأكد الباحث في علوم الطبقات الأرضية والرسوبيات أن الهزة التي عرفتها البلاد “هي الأقوى منذ سنوات، وحتى عمق الزلزال المحدد في 8 كيلومترات جعل الإحساس به من قبل المواطنين أكبر”، لافتا إلى أن تسجيل 7 درجات على سلم ريشتر تولد “شدة وطاقة هائلة”.
أبرز الصفراوي أن الزلازل من هذا النوع من “الضروري أن تتبعه هزات ارتدادية أخرى، تكون شدتها في الغالب أقل من الهزة الأولى”، مستدركا أن هذا الأمر “لا يعني أن لا تكون هزات مشابهة أو أعنف من الهزة الأولى”.
وفي تفسيره لتوقع اهتزازات جديدة، قال الخبير ذاته إنها تبقى “أمرا طبيعيا؛ لأنه عند حدوث انزلاق صفيحة تكتونية ما يحتاج إلى أن تستعيد توازنها، وهذا يتم عبر هزات أخرى”، نافيا إمكانية التنبؤ بالوقت الذي يمكن أن تحدث فيه الهزات الجديدة.
وتابع المتحدث ذاته مبينا: “يمكن تحديد المناطق المهددة بالزلازل. أما تحديد الوقت الذي سيضرب فيه الزلزال هذا غير صحيح ولا يمكن”، في إشارة إلى أن التكهنات والسرديات التي جرى الترويج لها الليلة الماضية محض افتراء وتضليل.
من جهته، شدد لحسن كبيري، الخبير الجيولوجي، على أهمية التركيز على التوعية والتحسيس بالزلازل وطريقة التعامل معها من طرف المواطنين، مؤكدا أن هذه الظاهرة الطبيعية أضحت واقعا ينبغي أن نتأقلم ونتكيف معها في المستقبل.
وأفاد كبيري، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية حول الفاجعة، بأن السلطات ينبغي أن تركز على البينات التحتية ومراقبة البناء في المناطق المعرضة للزلازل والحرص على أن تكون وفق “المعايير الضرورية التي تتحمل شدة الزلازل”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن المشاهد المتداولة بخصوص المناطق التي ضربها الزلزال تبين أن “المباني الحديثة صمدت وقاومت أكثر، في مقابل المباني القديمة التي من الطبيعي أن تنهار بسبب شدة وقوة الزلزال”.
وحذر كبيري مما سماه التهاون في التعاطي مع الموضوع، حيث قال: “علينا ألا نتهاون؛ لأن الطبيعة تشتغل والأرض حية والمناطق مهددة باستمرار بالزلازل، والتي لا تتوقف وإنما تختلف درجات استشعارنا لها”.
وأكد الخبير عينه على أهمية “التتبع العلمي والتقني لهذه المناطق وتحسيس السكان الذين يعيشون في هذه المناطق بشروط وأساسيات البناء والمعايير التي ينبغي توفيرها فيها”، مطالبا المرصد الجيوفيزيائي بتنظيم “برامج للتحسيس والتكوين للساكنة والجماعات المحلية بخصوص الزلازل وطريقة التعامل معها؛ لأن هذا الأمر أساسي، ويمكن أن يساهم في التقليل من عدد الخسائر والضحايا في المستقبل”.
كما أفاد كبيري بأن المنطقة معروفة بأنها مهددة بالزلازل، وتحتاج إلى “التوعية، وزلزال الليلة الماضية ينبغي أن نستخلص منه العبرة والدرس”، لافتا إلى أن المباني التراثية والتاريخية التي تشكل عامل جذب للسياح الأجانب، خاصة في مراكش وأحوازها، “يجب ترميمها وإعادة تأهيلها وفق دراسات ومعايير علمية مضبوطة من أجل الحفاظ عليها كتراث عالمي من الاندثار بسبب الزلازل”.عن هسبريس