في إنجاز لافت يعكس قوة الإرادة والتحدي، حقق ثمانية أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة “الصم البكم” نجاحا باهرا في امتحانات البكالوريا برسم هذه السنة، مؤكّدين بذلك أن الإرادة القوية يمكن أن تتغلب على كل العوائق.
1
2
3
ووسط هذا النجاح المبهر، ينبع شعور بالفخر العميق والتقدير الكبير في قلوب أسر هؤلاء الأشخاص ومن احتضنوهم وعملوا على إبراز تميزهم وطاقتهم الجامحة في التحصيل العلمي والإبداع بشتى صنوفه.
هؤلاء الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 22 و 24 ربيعا، ومن خلالهم هذه الفئة التي لا تسمع ولا تنطق ولكنها تمارس ذكاءها بتفرد جميل وتميز أنيق، يجسدون الأمل والإصرار، ويثبتون باستمرار أن الإعاقة لا تشكل حاجزا أمام التعبير عن الكينونة وأمام تملك القدرة واكتساب الملكات، كما لا يمكنها أن تحد من الطموح.
ويُذكرُ هذا التفوق وعزيمة التميز، الذي يعكس صورة رائعة لقدرة الإنسان المركبة والهائلة على التحدي والإبداع، بوجوب اعتبار هذه الفئة كطاقة مختلفة قادرة على الاندماج والتأثير بقوة من خلال بصمتها الفريدة والذكية في مختلف المجالات العلمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
هذا النجاح المتميز لم يكن ليتحقق لولا الجهود الحثيثة والمواكبة المستمرة من قبل جمعية الرحامنة للصم والبكم، التي بذلت إلى جانب السلطات الإقليمية ومختلف المؤسسات والمصالح الخارجية، كل ما في وسعها لتوفير بيئة حاضنة وداعمة لهذه الفئة، كانت كفيلة بصنع هذا التميز التعليمي.
وتأتي هذه النتائج المشرفة كتأكيد على أهمية الدعم المجتمعي والمؤسساتي لهؤلاء الفئة الخاصة، إذ أظهرت جمعية الرحامنة للصم والبكم دورها الفاعل والمواطن من خلال توفير الموارد والدعم اللازمين والتأطير متعدد الأوجه لتمكين هؤلاء الأشخاص من تحقيق هذا التفوق الدراسي.
أمينة لسان الدين التي تحدثت لوكالة المغرب العربي للأنباء بلغة الإشارة مستعينة بمرافقتها التي تترجم عنها وإليها، هي شابة ذات 23 ربيعا وإحدى العناصر المتألقة ضمن هذا الفوج، أعربت عن افتخارها بالمسار الذي قطعته بعدما حصلت على شهادتي الابتدائي والإعدادي أحرار، لتواصل تعليمها الثانوي بثانوية الرازي كمتمدرسة بفضل برنامج تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة الذي يشرف عليه التعاون الوطني.
ولحّت أمينة، التي حصلت على البكالوريا برسم هذه السنة بمعدل 15.23، على التعبير عن امتنانها للأطر التعليمية والإدارية لهذه الثانوية بطريقتها الخاصة، معربة عن شكرها للمؤطرات المرافقات اللواتي بذلن مجهودات جبارة لتسهيل التواصل بينها ونظرائها مع الأساتذة.
الأمر ذاته بالنسبة لباقي المتفوقات والمتفوقين الذين تراوحت معدلاتهم العامة بين 12.15 و 15.98، وهي أرقام تعبر في جوهرها على قدرة هؤلاء الشباب على تحويل الاختلاف إلى قوة والمعاناة إلى نبوغ والصور النمطية إلى طاقة كبرى تدفع نحو التقدم.
لا شك أن لهذا النجاح عوامل ساهمت في تحقيقه، ولعل أهمها اهتمام الفاعلين المشترك بهذه الفئة التي لها وضعية خاصة تستوجب تعزيز مجهودات العناية بها وفتح الآفاق وتعديد المسارات أمامها، كل ذلك من خلال مأسسة المواكبة في الفضاء العام، لا سيما داخل المؤسسات الجامعية لتصبح أكثر ملاءمة للحاجيات الخاصة لهذه الثروة البشرية المتفردة.