حقق المغرب خطوة كبيرة نحو التميز في مجال الحكامة على الصعيد الإفريقي، حيث احتل المركز الثامن ضمن تصنيف الحكومات الإفريقية لعام 2024، مسجلا بذلك تقدما بخمس مراتب منذ سنة 2014، حسب تقرير صادر عن مؤسسة مو إبراهيم. يعكس هذا التقدم مدى التزام المغرب بتحسين أدائه الإداري وتطوير بنيته التحتية لتحقيق التنمية المستدامة، إذ أظهر التقرير أن المغرب من بين 13 دولة إفريقية أحرزت تقدما ملحوظا في مجال الحوكمة، مما يسهم في تعزيز مكانته على الصعيد القاري.
1
2
3
ويشير التقرير إلى أن المغرب تمكن من تحسين ترتيبه في 14 من أصل 16 مؤشرا فرعيا ضمن تصنيف الحكامة، ويعود هذا النجاح بالدرجة الأولى إلى التطور الكبير في قطاع البنية التحتية، الذي يعتبر من أهم ركائز التنمية. وقد حقق المغرب في هذا المجال المرتبة الأولى بنتيجة 85.8 من أصل مائة، حيث سجل زيادة بلغت 17.4%، ويؤكد ذلك الأهمية التي توليها المملكة لتطوير بنية تحتية متينة تتماشى مع احتياجات الاقتصاد المحلي والدولي، دون أن تسجل أي تراجع في المؤشرات الأساسية ضمن هذه الفئة، وهو ما يعكس اهتمام المغرب بتطوير شبكات النقل والاتصالات والطاقة وغيرها من المجالات الأساسية.
وفي مجال الإدارة العمومية، استطاع المغرب تحقيق المرتبة الثانية بعد رواندا، بينما جاء الرأس الأخضر في المرتبة الثالثة. ويعزى هذا التميز إلى كفاءة النظام الإحصائي المغربي وقدرته على توفير بيانات دقيقة تخدم التنمية، إلى جانب جودة إدارة التسجيل المدني، مما يعكس التزام المملكة بتطوير الخدمات العمومية لتلبية احتياجات المواطنين وتحسين كفاءة النظام الإداري. يبرز هذا الإنجاز مدى فعالية النظام الإداري المغربي، خاصة في ظل الجهود المبذولة لتطوير القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة وإدارات الخدمات الأساسية التي تلعب دورا هاما في تحقيق التنمية.
وقد أكدت مؤسسة مو إبراهيم أن التقدم الذي أحرزه المغرب في الحكامة والإدارة العمومية يبرز فاعلية السياسات الضريبية المغربية، حيث ساهمت إدارة الضرائب وإيرادات الدولة بشكل مباشر في تعزيز استدامة الاقتصاد الوطني، مما يتيح للمغرب الاستفادة من موارد الدولة بشكل فعال في مختلف المجالات. ويعكس هذا التحسن مدى التطور في الإدارة المالية التي تعمل على تحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات، لضمان نمو اقتصادي مستدام.
وعلى صعيد المؤشرات الفردية، أظهر التقرير أن المغرب شهد تقدما بنسبة 46.1% في مؤشرات الأنترنت واستخدام الحواسيب، مما يعزز من انخراطه في التطور الرقمي، ويتيح الفرصة لمزيد من الابتكار في مجالات التعليم والإدارة والاتصال. كما سجل المغرب زيادة بنسبة 44% في مؤشر حيادية النظام القضائي، حيث تعمل المملكة على ترسيخ مبدأ العدالة وتعزيز شفافية النظام القانوني، ما يساهم في تحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية التي تحتاج إلى بيئة قانونية نزيهة وفعالة.
ومع هذا التقدم، كشف التقرير عن وجود تحديات ينبغي مواجهتها، حيث أظهر تراجعا في مؤشري حرية التجمع والانتماء، إذ انخفض هذا المؤشر بنسبة 25%، إلى جانب تراجع مؤشر الوصول إلى الخدمات العامة للنساء بنسبة 17.4%. واعتبرت مؤسسة مو إبراهيم هذا التراجع إشارة إلى الحاجة لتكثيف الجهود لتعزيز حقوق الإنسان والمساواة، مما يستدعي العمل على تحسين السياسات المتعلقة بحقوق المرأة والمجتمع المدني، لضمان التوازن بين التقدم الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية.
إن هذا التقدم الملحوظ والتحديات القائمة يعكسان التزام المغرب بمواصلة مسيرته التنموية لتحقيق أهدافه في التنمية المستدامة، مما يعزز من دوره كقوة فاعلة على الساحة الإفريقية.