مع تزايد تأثير منصات السوشيال ميديا على مختلف مجالات الحياة، أصبحت مشاركة المؤثرين في الإنتاجات السينمائية والتلفزيونية ظاهرة مثيرة للجدل في المغرب. لم تقتصر هذه الظاهرة على اعتراضات الفنانين فقط، بل تجاوزت ذلك لتصل إلى قبة البرلمان حيث عبر عدد من النواب عن استيائهم من منح الفرص لبعض مشاهير السوشيال ميديا للظهور في الأدوار التمثيلية. هذا الأمر أثار العديد من التساؤلات حول مستقبل صناعة السينما في البلاد، وأدى إلى نقاشات واسعة بين مختلف الأطراف المعنية.
1
2
3
من جهته، عبر الفريق الحركي في البرلمان عن موقفه خلال مداخلته بشأن مشروع قانون رقم 18.23 المتعلق بالصناعة السينمائية، حيث أشار إلى أن إدخال المؤثرين إلى عالم التمثيل يهدد المهنة بشكل عام. الفريق انتقد بشكل خاص ما اعتبره إهداراً للفرص على الممثلين المحترفين الذين تخرجوا من المعاهد المسرحية وخصصوا سنوات من حياتهم لتعلم فنون التمثيل، في حين يتم منح أدوار البطولة لمؤثرين ليس لديهم أي تكوين أكاديمي أو فني في المجال.
وفي هذا الإطار، أكد الفريق الحركي ضرورة إعطاء الأولوية للممثلين المغاربة الذين يعانون من التهميش والإقصاء في صناعة السينما، والذين في الغالب لا يحصلون على فرص متكافئة مع مؤثرين ليس لديهم أي خبرة فنية. الفريق شدد على أن هؤلاء الممثلين يمتلكون الموهبة والكفاءة لتقديم أدوار هامة، ما يجعل إقحام شخصيات غير محترفة في مجال التمثيل يشكل ضرراً كبيراً. كما دعا إلى ضرورة تكثيف الجهود لدعم هؤلاء الفنانين من خلال توفير فرص حقيقية لهم في أعمال سينمائية وتلفزيونية تتناسب مع قدراتهم.
من ناحية أخرى، أثار الفريق الحركي موضوع إغلاق العديد من القاعات السينمائية في المغرب، وهي قضية أخرى تثير القلق في صفوف العاملين في مجال الفن السابع. وحسب تصريحات بعض أعضاء الفريق، فإن إغلاق دور العرض السينمائي في مدن متعددة يؤثر بشكل مباشر على القطاع السينمائي، الذي يعاني أساساً من العديد من التحديات. وإلى جانب هذا، أشار الفريق إلى أهمية تشجيع الاستثمار في هذه القاعات من أجل إعادة إحيائها ودعم صناعة السينما المحلية التي تشهد تراجعاً في الآونة الأخيرة.
كما تم تسليط الضوء على ظاهرة القرصنة التي تضر بالقاعات السينمائية بشكل كبير. القرصنة أصبحت تهديداً حقيقياً لصناعة السينما المغربية، حيث أن العديد من الأفلام يتم تسريبها على الإنترنت قبل عرضها في القاعات، مما يسبب خسائر مالية ضخمة. في هذا السياق، طالب الفريق الحركي بفرض إجراءات قانونية صارمة لمكافحة هذه الظاهرة، والعمل على حماية حقوق المبدعين والمستثمرين في هذا المجال، الأمر الذي يساعد في دعم الاستثمارات السينمائية ويشجع على تطوير القطاع بشكل مستدام.
إجمالاً، يبدو أن ملف إدخال المؤثرين إلى مجال التمثيل في المغرب سيظل محط نقاش حاد بين الفنانين والمشرعين. ولا شك أن هذا الموضوع يعكس تصاعد المخاوف من تراجع مستوى الإنتاجات السينمائية والتلفزيونية في المغرب، حيث يبقى التحدي الأبرز هو كيفية تحقيق التوازن بين تجديد الدماء في هذا المجال من جهة، والحفاظ على جودة الفن والتمثيل من جهة أخرى.