في خطوة أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط القانونية والدينية، أعلن المجلس العلمي الأعلى في المغرب رفضه لاستخدام فحص الحمض النووي كوسيلة لإثبات نسب الأطفال المولودين خارج إطار الزواج. هذا القرار أثار نقاشًا حادًا حول العلاقة بين الشريعة الإسلامية والتطورات العلمية الحديثة، حيث اعتبر البعض أن استخدام الخبرة الجينية يمكن أن يساعد في حل مشكلات اجتماعية معقدة، بينما رأى آخرون أن القرار يعد تمسكًا بالمبادئ الدينية ويعكس تمسك المجتمع بالثوابت الشرعية. النقاش حول هذا الموضوع يعكس تباينًا كبيرًا بين معايير الدين والتطورات العلمية الحديثة في مجال تحديد النسب.
من جهته، أكد مصطفى بن حمزة، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق، أن النسب الشرعي في الإسلام يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعلاقة الزوجية التي تتم من خلال عقد زواج شرعي. وأوضح بن حمزة أن أي علاقة خارج هذا الإطار لا تُعتبر علاقة شرعية، بل تُعد سفاحًا، ولا يمكن بناء حقوق النسب عليها. وهذا الموقف يعكس تمسكًا بمفهوم النسب كما جاء في الشريعة الإسلامية التي تحدد العلاقة بين الأبناء والآباء على أساس الشرعية.
وفي نفس السياق، أشار بن حمزة إلى أن فحص الحمض النووي يثبت العلاقة البيولوجية بين الطفل وأبيه، ولكنه لا يوفر الإطار الشرعي الذي ينظم الحياة الأسرية. في رأيه، لا يمكن اعتبار النسب فقط مسألة بيولوجية، بل يجب أن يكون له أساس قانوني واجتماعي يمنح الأسرة استقرارًا وحماية قانونية. ولفت إلى أن الزواج في الإسلام ليس مجرد ارتباط جسدي أو لقاء عابر، بل هو ميثاق غليظ ينظم العلاقة بين الزوجين ويضمن حقوق الأبناء.
بن حمزة شدد على أن الاعتماد على العلاقات غير الشرعية في تحديد النسب قد يؤدي إلى تفكك الأسرة، وهذا ما يمكن أن يحدث في المجتمعات التي تشهد تراجعًا في دور الزواج وانتشار العلاقات غير المستقرة. وتساءل عن تداعيات هذا النوع من العلاقات على حقوق الأطفال والمجتمع ككل. في رأيه، إذا لم يكن هناك إطار شرعي ينظم النسب، فإن ذلك يفتح المجال للشكوك، مما قد يؤدي إلى تخلي الآباء عن مسؤولياتهم تجاه أبنائهم. وهذا بدوره قد يؤثر سلبًا على استقرار الأسر والمجتمعات.
يظهر الجدل حول استخدام فحص الحمض النووي كوسيلة لإثبات النسب تساؤلات مهمة حول كيفية التوفيق بين الدين والتطورات العلمية في المجالات القانونية والاجتماعية.
1
2
3