عاشت مدينة الدار البيضاء، مساء يوم الجمعة، أجواء فنية راقية مع انطلاق فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان السينما المستقلة الذي يستمر إلى غاية السابع عشر من أبريل الجاري بالعاصمة الاقتصادية، حيث حرص المنظمون على تقديم دورة غنية بالتنوع والإبداع وذلك من خلال برمجة فنية متكاملة تجمع بين العروض السينمائية والنقاشات الفكرية والورشات التكوينية، فضلاً عن الاحتفاء بعدد من رموز الفن المغربي الذين أسهموا بشكل لافت في إثراء المشهد الثقافي.
1
2
3
وفي قلب هذه التظاهرة الفنية البارزة، شهد حفل الافتتاح لحظات مؤثرة، إذ تم تكريم أسماء وازنة في الساحة الفنية المغربية، من بينها الفنانة القديرة فاطمة خير التي تعتبر من أبرز نجمات الشاشة المغربية لما قدمته من أدوار متميزة، كما حظي الفنان المبدع محمد مفتاح بالتكريم أيضاً، وهو الذي بصم على مسار فني طويل ومتنوع، إلى جانب الموسيقار الكبير عبد الوهاب الدكالي الذي يعتبر أحد أعمدة الأغنية المغربية وأحد رموزها المضيئة على مر العقود.
وقد تميزت كلمة الفنان محمد مفتاح في افتتاح المهرجان بالإشادة بزميلته فاطمة خير، حيث اعتبرها واحدة من الوجوه البارزة في مجال التشخيص الفني، مؤكداً أنها فنانة ملتزمة تتحرى الدقة في اختيار أدوارها وتؤديها بعمق واحتراف، وهو ما جعلها تحظى بمحبة الجمهور واحترام النقاد، في حين عبرت فاطمة خير عن امتنانها لهذا التكريم الذي اعتبرته وسام تقدير من المهرجان ومن جمهور السينما المستقلة.
ويتضمن برنامج المهرجان عرض مجموعة مختارة من الأفلام الطويلة والقصيرة التي تنتمي إلى التيار السينمائي المستقل، إذ تشارك في المسابقة الرسمية اثنا عشر فيلماً طويلاً تمثل تجارب مختلفة من القارات الخمس، كما تشمل المسابقة أيضاً عشرين فيلماً قصيراً، كلها تُعرض لأول مرة في القاعات المغربية، مما يمنح عشاق السينما فرصة لاكتشاف رؤى جديدة وأساليب فنية مبتكرة تحمل قضايا متنوعة وهموماً إنسانية عميقة.
وتتولى تقييم هذه الأعمال السينمائية لجنتان تحكيميتان تضمان أسماء مرموقة من عالم السينما والفكر والإبداع، إذ يرأس لجنة تحكيم الأفلام الطويلة المخرج والمنتج الفرنسي فيليب دياز، وتضم في عضويتها كلاً من فريديريك بوشير من بلجيكا، وسارة ريجينا من إسبانيا، والمخرج المغربي هشام العسري، إلى جانب السينمائي المصري كمال عبد العزيز، وهي تركيبة تجمع بين تنوع التجارب وغنى الخلفيات الثقافية.
أما لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، فيرأسها السينمائي الفرنسي فرانسوا لوران، ويشاركه في عضويتها كل من المخرجة المغربية مريم عدو، والناقد المصري جمال زايدا، حيث ستضطلع هذه اللجنة بمهمة اختيار أفضل الأفلام القصيرة من بين مجموعة واسعة من الأعمال التي تتناول قضايا اجتماعية وشخصية بطرق مبتكرة وبأساليب إخراجية جديدة، ما يعكس التوجه العام للمهرجان في دعم الأصوات المستقلة والسينما ذات الرؤية الفنية الحرة.
ويأتي تنظيم هذه الدورة من مهرجان السينما المستقلة في وقت يشهد فيه الحقل الثقافي المغربي نشاطاً ملحوظاً في مختلف المجالات، وهو ما يعكس الرغبة في إعطاء السينما الوطنية مساحة أكبر للتطور والتفاعل مع التجارب العالمية، كما يسهم المهرجان في بناء جسور تواصل بين السينمائيين المغاربة ونظرائهم الدوليين، من خلال ورشات عمل وندوات حوارية تتيح تبادل الخبرات وتعميق النقاش حول مستقبل السينما المستقلة في ظل التحديات الراهنة.