تنطلق فعاليات الدورة الرابعة عشرة من مهرجان مكناس للدراما التلفزية، بتنظيم من جمعية العرض الحر، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وذلك من الثاني إلى السادس من ماي سنة 2025. ويُعد هذا الموعد الثقافي محطة فنية بارزة ضمن رزنامة المهرجانات المغربية، حيث يحرص على تكريم أبرز الأسماء التي أسهمت في تطوير الدراما الوطنية وترسيخ حضورها في وجدان الجمهور.
1
2
3
وتشهد هذه الدورة تكريم الفنانة اللامعة سعيدة باعدي، تكريما يليق بمسيرة فنية غنية تجاوزت أربعة عقود من العطاء والتألق. وقد جاء اختيارها احتفاءً بمسارها الإبداعي المتميز وبأدوارها المؤثرة التي بصمت بها ذاكرة الفن المغربي، سواء عبر خشبة المسرح أو من خلال الشاشة الصغيرة والكبيرة، حيث استطاعت بفضل موهبتها الكبيرة وتكوينها الأكاديمي أن تترك أثرا عميقاً في قلوب المتابعين.
وقد تميزت الفنانة سعيدة باعدي، خريجة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، بحضورها القوي والمتزن في مختلف المحافل الفنية. فقد انطلقت تجربتها من الخشبة، حيث تألقت في أعمال مسرحية ناجحة أبرزها مسرحية “مرات الباشا” من إخراج حميد باسكيط، إلى جانب مشاركتها في عروض أخرى مثل “المتاهة” و”عائلة سي مربوح”، وهي أعمال عكست قدرتها العالية على التعبير والتقمص والارتجال.
ومن خشبة المسرح، انتقلت سعيدة باعدي إلى عالم التلفزيون والسينما، حيث بصمت على أداء احترافي في عدد من المسلسلات التي نالت إعجاب الجمهور المغربي. وقد أطلت على المتفرجين في أعمال متميزة من بينها “السراب”، “ناس الحومة”، “لولة الروح”، “صمت الفراشات”، “ياريت”، “البيوت أسرار”، “جنين وامرأة في الظل”، “عمتي فاطنة”، و”المتقاعد”، بالإضافة إلى مشاركتها المتميزة في سلسلة “مبروك علينا” التي عرضت خلال شهر رمضان الماضي، حيث أبانت من جديد عن إمكانياتها الفنية المتجددة.
وتقام أنشطة هذه الدورة بمدينة مكناس في فضاءات ثقافية متنوعة، أبرزها حديقة الحبول والمركز الثقافي محمد المنوني، في إطار برنامج منظم بتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ومجلس جهة فاس ـ مكناس، وجماعة مكناس، وبدعم من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية والقناة الثانية. ويعكس هذا التعاون التنوع والانفتاح الذي يميز المهرجان، ويمنحه بعداً تنظيمياً ومهنياً أكبر.
ولتعزيز روح المنافسة وتشجيع الإبداع الفني الوطني، تم إعداد ثلاث مسابقات رسمية ضمن هذه الدورة، تشمل الأولى فئة الأفلام التلفزية، وتهم الثانية الأعمال الدرامية الطويلة، بينما تركز الثالثة على السلاسل الكوميدية. وتخضع هذه الإنتاجات للتقييم من طرف لجان تحكيم متخصصة، تضم مخرجين ونقاداً وفنانين ذوي تجربة واطلاع واسع على تطور المشهد الدرامي المغربي.
ولا تقتصر فعاليات المهرجان على العروض التلفزية فقط، بل تشمل أيضا سلسلة من اللقاءات المفتوحة والورشات المهنية، التي تشكل فرصة حقيقية لتبادل الخبرات بين صناع الدراما من مخرجين، وممثلين، ومنتجين، بالإضافة إلى تقديم دروس “ماستر كلاس” متخصصة في مجالات الإخراج، وكتابة السيناريو، والتشخيص، والإنتاج، وهي مساحة تثقيفية وتكوينية تستهدف الشباب والمهتمين بالمجال.
بهذا التكريم المستحق للفنانة سعيدة باعدي، يواصل مهرجان مكناس للدراما التلفزية رسالته الفنية النبيلة في إبراز رموز الإبداع المغربي، وتكريس ثقافة الاعتراف بالمواهب النسائية التي أسهمت في تطوير الدراما الوطنية، وساهمت في إشعاعها داخل المغرب وخارجه.