مجلة لالة مولاتي.نت, مصروف البيت: مسؤولية مشــتركة بين الزوجين
1
2
3
أصبحت المادة هي وقود العصر الحالي، وبها تسير عجلة الحياة اليومية وفي مختلف مناحي الحياة، وهناك الكثير من الأسر تلوكها هذه العجلة فعجزت عن إدخار هذا الوقود أو حتى تخزينه لنهاية الشهر؛ لأسباب عديدة، أبرزها غياب الوعي المالي وعدم وجود الشخص المؤهل لإدارة محفظة العائلة الشهرية، هذا الموضوع أصبح مُثيراً للجدل في الأوساط الأسرية خاصة عند المجتمعات التي تنتشر فيها ثقافات معينة تُسهم في عدم ضبط المصروفات فهناك من يرى أن المرأة أكثر قدرة على القيام بهذه المسؤولية وأن تخصيص مبلغ من المال لفترة 30 يوماً مسؤولية تستطيع المرأة القيام بها على أكمل وجه لا سيما أن عددا كبيرا من ربات البيوت يقمن بهذا الدور وبعضهن استطعن توفير مبلغ من الميزانية أيضاً. أما الرأي الآخر، يجد بأن الرجل يمكن أيضاً قيامه بهذا الدور خاصة أنه يقوم بتأمين متطلبات الأسرة وبالتالي لديه نظرة نسبية للأمور المالية وما يتعلق بميزانية الأسرة… بين هذا الرأي وذاك رصدنا مجموعة من الآراء التي عبرت عن أفكارها وتصورها:
بداية تقول حنان السالم أن المشاركة بين الزوجين أمر مطلوب ولا بد أن يكون الزوجان قادرين على تنظيم وتنسيق ميزانية الأسرة وطريقة الإنفاق المدروسة. وأكدت على إعداد جدول خاص بشكل أسبوعي أو شهري يساعد الزوجين على الإنفاق بشكل متوازن لأن التنظيم مهم في الميزانية الشهرية ولا بد من إعداد قائمة بالمستلزمات الأساسية من مواد غذائية أو ملابس وغيرها، لافتة إلى أن بعض المواد الغذائية مثل الحليب والخبز يتم شراؤها من وقت لآخر خلال الأسبوع لأنها مواد استهلاكية ولها مدة صلاحية محددة وبالتالي يتم تحديد مصروف خاص لهذه المشتريات. بهذه الطريقة يكون الاثنان معنيين بالأمر ويتقاسمان مسؤولية البيت سوياً وأن عليها التعاون في تحديد المصروف على قدر الدخل وإمكانية التوفير للمستقبل.
مسألة أولويات
رأي آخر تعبر عنه لطيفة سعود حول مسؤولية الميزانية ومصروف الأسرة حيث إنها ربة بيت منذ زواجها لأكثر من 3 سنوات وأوكل لها زوجها مسؤولية المصروف فتقول: أستلم مصروف البيت وأشتري احتياجاتنا مرة بالأسبوع حيث أدون ما نحتاج وأذهب للتسوق آخذة بالاعتبار بعض الأغراض المستهلكة من منظفات وغيرها التي تدوم لفترة طويلة وبالتالي شراؤها كل شهرين أو أكثر.
وأضاف اعتمد في مصروف البيت على تسجيل الأولويات وهي الأساسيات التي تحتاجها الأسرة من مواد استهلاكية أو ألبسة، مشيرة إلى أهمية حكمة المرأة في المحافظة على مال زوجها كما تحافظ على بيته وأولاده، مؤكدة أن هذا التصرف يكون محط تقدير من الزوج. وتقول: للمرأة دور في الادخار وتوفير المال من مصروف البيت لأنها مدبرة ، واستذكر إحدى الجارات التي استفدت من خبرتها بحكم سنوات زواجها الطويلة لمدة 30 سنة وكيف توفر من المصروف مبلغاً لسد أي مصروفات إضافية. لذا فإن المرأة أكثر قدرة على تنظيم مصروف البيت.
إدارة متوازنة
عبد العزيز العدواني يقول إن الكثير من الأزواج يتفقان على أن يتسلم احدهما مصروف الأسرة الشهري وغالبية الأزواج يتركون الأمر للزوجة باعتبار أنها أكثر دراية بأمور البيت وعدم شعورها بالملل أو العصبية والغضب نتيجة للتسوق لاسيما أن الرجل له مسؤولياته ومهامه في العمل. ويرى أن تولي الزوجة مصروف البيت يعتبر قرارا سليما لانها أكثر قدرة من الرجل على الادخار والتنظيم ولأنها الأقرب من الأبناء ومتطلباتهم. ويقول: المرأة لديها القدرة على تدبير أمور المنزل بشكل عام سواء في الأمور المادية أو في تربية الأطفال والعلاقات الاجتماعية فهي تتحلى بالصبر وطول البال مما يساعدها على حمل هذه المسؤولية. كما أنها ثقة كبيرة من الزوج عندما يعطي زوجته مسؤولية تنظيم مصروف البيت.
ويتحدث محمد فرج عن تجربته قائلاً: منذ زواجي والأمور المادية أنا مسؤول عنها، اخصص ميزانية شهرية لمتطلبات البيت وأعطي لزوجتي المصروف أسبوعيا وفقاً لجدول يحدد الميزانية وقد تزيد أسبوعاً وتقل في أسبوع آخر. ولعل ظروف عملي في الشؤون المالية منحني من الخبرة لوضع ميزانية لمصروف الأسرة وفق إستراتيجيات المتطلبات.
من جهتها تقول هناء عبد الوهاب مع بداية كل شهر يقوم زوجها بتسليمها مرتبه ومع مرتبها تقوم بإعداد جدولة للمصروفات وبما أن الدخل معروف ومحدد تجد كل شيء منظما وتعتبر مثل هذا التصرف يضع الزوجة في مسؤولية كبيرة ولا بد أن تكون على قدر هذه الثقة.
وتقول: أنا وزوجي نتدبر الأمر ونضع في بداية كل شهر أهم الاحتياجات التي يجب توفيرها ونعطي أولوية لبعض الأغراض ولا نواجه صعوبة في ذلك باستثناء بعض طلبات الأبناء للمدارس.
ظروف الحياة ومتطلباتها
ويستغرب فؤاد زكريا من بعض الأزواج ممن يتكل على مرتب الزوجة في المصروف لأنه على قناعة بأن الرجل هو المسؤول طالما قرر تأسيس عائلة ويستشهد بحديث للرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – «حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن» (الترمذي) ما يعني أن الرجل هو المسؤول عن النفقة وإذا رغبت المرأة بالمشاركة فهذا شأنها.
ويقول: الزواج مسؤولية ومصروف الأسرة إحدى هذه المسؤوليات التي يلعب دورها الرجل إلى جانب حكمة وحنكة المرأة في موازنة أمور الأسرة ومتطلباتها وفقاً للمصروف المقنن على أن تراعي الزوجة مرتب الزوج والتزاماته تجاه الأبناء وتجاهها وهذه الزوجة الصالحة، لافتاً إلى أن هناك بعض النساء ممن يرهقن ميزانية الزوج وبالتالي نجده يعيش في دوامة من المشاكل والديون لا نهاية لها وأضاف عُرفت المرأة بالتبذير وحب التسوق إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على الجميع لأن هناك من النساء لديهن قدرة وقابلية على التأقلم مع كافة ظروف الزوج والحياة ومتطلباتها وصعوباتها.
من جهتها تقول عائشة النوري: في بداية كل شهر يقوم زوجي بمنحي نصف مرتبه ويبقى النصف الآخر ليتدبر مصاريفه الشخصية وما استلمه من مصروف يكفيني لمدة شهر طالما لا توجد دعوات عشاء أو مناسبات اجتماعية تلزمني بشراء الهدايا والإعداد المسبق لها وهذا يفوق المصروف الشهري المحدد. وتعتبر قيام الزوجة بتدبر مصروف البيت بما يحدده الزوجة مسؤوليتها بحكم إدارتها لشؤون البيت والأسرة بمن فيهم زوجها.
وتسترسل في حديثها عن تجربتها فتقول: أصبح لدي خبرة في تنظيم مصروف البيت حتى أنه أحياناً يطلب أبناؤنا طلبات تفوق المصروف وأتعامل معهم في ما يتعلق بالأولويات وأن هناك ما هو مهم وما هو أهم. من أساسيات المصروف الطعام والشراب وكذلك أضع في الحسبان مبلغاً للنزهات والخروج في عطلة نهاية الأسبوع أو شراء هدية بحكم العلاقات الاجتماعية. وفي بعض الأحيان يتبقى مبلغ من المصروف الشهري وأدخره لاستثماره في شراء بعض الاكسسوارات لديكور المنزل أو تجديد قطعة أثاث قديمة وما شابه ذلك.
حجم النفقات
ويقول دكتور علم الاجتماع عبد القادر المبارك: في البداية يجب معرفة دخل الأسرة وحجم النفقات وكيفية الموازنة بينهما وأن يكون هناك جانب خاص بتوفير الأموال اللازمة التي تنفق في حال الطوارئ والأزمات مثل عطل سيارة أو مرض أحد أفراد الأسرة وغيره من مصاريف مدارس وكهرباء وإيجار، لذا الميزانية السنوية مهمة كخطوة أولية للميزانية الشهرية للأسرة أو الأسبوعية حسب النظام المتبع للأسرة على أن تكون مراقبة ميزانية الأسرة مسؤولية ثنائية وهذه من الأسس السليمة في الإنفاق والتوفير.
ومن الضرورة تدوين المصروفات أولا بأول حتى يتم مراقبة الميزانية باستمرار ومعرفة ما يصرف في كل بند حتى إذا كانت هناك زيادة في الإنفاق في أحد البنود يمكن إنقاص الصرف في هذا البند في الأسبوع التالي وهكذا يمر الشهر دون أزمة أو ضيق مالي . . وحول قدرة المرأة أو الرجل في إدارة مصروف البيت يقول: ليس هناك قاعدة ثابتة وإن كانت المرأة (الزوجة) هي من تتولى إدارة مصروف البيت، إذ يختلف مستوى مقدرة الإنسان في عمل موازنة بين الدخل والمصروف من شخص لآخر نتيجة لطبيعة الشخصية وتركيبتها فهناك الشخصية المنظمة والمرتبة والفوضوية والدقيقة وغيرها، لافتاً إلى أن المرأة تتمتع غالبا بشخصية مرتبة ومنظمة الأمر الذي يجعلها كفؤا لإدارة مصروف البيت.
ويضيف: بما أن المسؤولية الشرعية في نفقة البيت على الرجل فعليه أن يقوم بالتشاور مع الزوجة لإحكام الاحتياجات من خلال الأولويات ثم المكملات الثانوية.
وأضاف أن من الأمور المهمة التي يجب أن يتفق عليها الزوجان في بداية الحياة الزوجية عدم الدين لأنه يفسد استقرار الأسرة مادياً ويجعل الزوجين دائماً في حالة من الجري لتأمين المصروفات وفي نفس الوقت تسديد الدين وكثير من الحالات تنتهي بين الزوجين للانفصال.
وكما هو معروف ما بُني على باطل فهو باطل، مؤكداً أنه يجب من البداية الصراحة التامة بين الزوجين والوضوح في المسائل المادية والتخطيط للمستقبل بعيداً عن التبذير والإنفاق العشوائي وحول أهم الارشادات التي يمكن أن تساهم في استقرار الأسرة مادياً ويقول د. المبارك أن أهمها تفادي الدين وعدم التفريط بالأصول الثابتة من أراضٍ أو عقارات أو التفريط بما لدى الزوجين من مال فائض وأنه لابد من التوازن ما بين الدخل والمصروفات مع الابتعاد عن الإغراق في الطلبات وتلبية كافة طلبات الأبناء وهنا دور الزوجة في معرفة الاحتياجات الضرورية.
مؤكداً على ضرورة تخصيص مبلغ لمصروف الأسرة الأسبوعي على أن يتم جمعه وبالتالي احتساب المبلغ الشهري مع الأخذ بعين الاعتبار مصروفات احتياطية تحسباً لأي موقف أو حدث طارئ.وقال:ليتذكر كلا الزوجين أن كل ما يتم توفيره من مال يعود بالفائدة على الأسرة ومستقبلها.