أثارت ظاهرة “الدردشة المباشرة” التي يمارسها بعض المشاهير على “تيك توك” جدلًا واسعًا مؤخرًا، وفيها يحصلون على مقابل مالي أو اشتراكات مجانية لقاء التفاعل المباشر مع متابعيهم أو تطبيع تحديات وصفت “بالمهينة” عبر شاشة الهاتف.
وأكد مختصون أن بعض مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي يمارسون ما بات يسمى بـ”التسول الإلكتروني” لجني المال، وكسب المزيد من المتابعين دون النظر إلى الاعتبارات الأخلاقية والاجتماعية.
وشددوا في حديثهم للصحافة على أن الحياة الزائفة التي يعيشها المشاهير تشكل “خطرًا حقيقيًّا” على مستقبل الجيل الجديد وقيم المجتمع.
ورأى عبداللطيف بحسبان، أخصائي نفسي إكلينيكي بمدينة الدار البيضاء ، أن ما يروج في وسائل التواصل الاجتماعي بكل دول العالم من “تسول إلكتروني”، وتحديات مُهينة أو خطيرة في بعض الأحيان وغيرها من السلوكات المثيرة للجدل؛ يعكس “انسلاخ” فئة واسعة من نشطاء “السوشال ميديا” عن القيم، إلى جانب تطبيعهم مع التفاهة.
وأوضح بحسبان في تصريح للصحافة ، أن فئة عريضة من الناس في زمننا هذا تبحث عن الترفيه والفرجة، وقد وجدته في وسائل التواصل الاجتماعي خصوصًا “تيك توك”، إلا أن ما ينذر بالخطر هو تحوُّل مشاهير هذا الفضاء الرقمي إلى نماذج يحتذى بها لدى البعض.
وأضاف المتحدث “وسائل التواصل الاجتماعي قلبت المعادلة كليًّا؛ بحيث تحوّل صناع “الفرجة” و”الترفيه” أو كما يسميها البعض بـ”التفاهة” إلى قدوة، بينما صناع المحتوى الهادف والشخصيات المثقفة على سبيل المثال لا يحظون بالاهتمام نفسه”.
وأبرز الأخصائي النفسي، أن قيام بعض المشاهير بجني المال بطرق سريعة وملتوية إمّا عن طريق محادثات مباشرة وإمّا إعلانات وغيرهما، يُرسّخ قيم سلبية داخل المجتمعات؛ إذ يحول هؤلاء المشاهير إلى نماذج ناجحة ومثالية لدى الناشئة بالنظر لِما يسوقونه من صور وفيديوهات توثق لحياة البذخ والرفاهية، وهذا الأمر خطير للغاية، على حد تعبيره.
وبيّن بحسبان أن هذه المشاهد “المصطنعة” و”المزيفة” التي تُرَوَّج في مواقع التواصل الاجتماعي تدفع الأجيال الجديدة إلى التخلي عن القيم والأخلاق والمبادئ لهدف واحد وهو البحث عن المتابعين والمعجبين ومحاولة جني الملايين بسهولة.
وشدد الأخصائي النفسي على أن هذه الظاهرة باتت كونية، وستحول الإنسان إلى جسد دون روح إيجابية يسعى فقط خلف الأوهام.
من جهته، رأى علي شعباني الباحث في علم الاجتماع، أن وسائل التواصل الاجتماعي لها مميزات عديدة، ومن أهمها بناء جسور التواصل مع الآخرين، إلا أن الاستعمال السيئ لها بات يشكل خطورة كبيرة.
وأضاف شعباني أن خطورة “السوشال ميديا” تكمُن في القيم الجديدة التي تحاول زرعها في نفوس الأجيال الصاعدة. مبرزًا أن المنصات الاجتماعية باتت في يد من “هب ودب”، وبالتالي فإن الاستعمال السيّئ لهذه الوسائل ينتج عنه تسويق الرداءة والتفاهة، على حد تعبيره.
وأكد الخبير الاجتماعي، أنه نتيجة الاستعمال السيئ وصلت قيم بعض المجتمعات العربية والغربية إلى “الحضيض”، لافتًا إلى أن مشاهير هذه المنصات هدفهم الأساس ليس التأثير الإيجابي كما يروجون لذلك، وإنما البحث عن الشهرة والمال من خلال “لايفات” (بث مباشر) وتحديات توصف بـ”المهينة” إلى جانب ترويج المنتجات والسلع الاستهلاكية.
واستطرد “للأسف نعيش في زمننا هذا التسول الإلكتروني، والتفاهة، وانحطاط القيم”، مستدركًا “هذه السلبيات – وهي كثيرة – غطّت على إيجابيات المنصات الاجتماعية”.
وزاد شعباني “السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هل سنستطيع تحديد هوية المجتمعات المقبلة وعناصرها الأساسية؟”.
وأردف المتحدث “ما يثير الاستغراب أن هؤلاء المشاهير بمختلف دول العالم يتم تسويقهم بطرق غير مباشرة على أنهم قوة ناعمة، لكن تأثيرهم عادة ما يكون سلبيًّا، لافتًا إلى أن بعض المجتمعات خصوصًا الغربية منها “باتت بلا هوية”.
1
2
3