فيلم “أرض الله” رحلة جديدة في السينما المغربية للمخرج عماد بنعمر

في سن مبكرة، استطاع المخرج المغربي عماد بنعمر أن يلفت الانتباه بفيلمه القصير “أرض الله”، الذي يتميز بتناوله الفريد لقضية الموت من زاوية غير تقليدية. هذا العمل السينمائي بالأبيض والأسود، الذي يجمع بين الكوميديا الساخرة والدراما، قد حقق نجاحا ملحوظا على الصعيد العالمي. بفضل تمثيل أمال الأطرش ويونس شعرة، اكتسب الفيلم سمعة عالمية، إذ شارك في مهرجانات دولية مرموقة مثل مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ومهرجان الفيلم الفرانكفوني في نامور، وأيضا المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.

الفيلم يعالج موضوع الموت بطريقة ساخرة، وهو موضوع يثير في العادة الخوف والرهبة. من خلال هذه الكوميديا الساخرة، يقدم الفيلم تباينا بين التقاليد الراسخة والواقع المعاصر في المغرب. الطقوس الجنائزية التي كانت دائما محاطة بالجلال والتقدير تتحول إلى محور للسخرية والعبثية. هذا الأسلوب الفريد يعكس التناقضات التي يعيشها المجتمع المغربي في مواجهة هذه اللحظة الإنسانية الحساسة.

قصة الفيلم تدور حول ثلاثة زملاء مكلفين بتوصيل توابيت إلى عائلتين مختلفتين، لكن يحدث خطأ في تبادل الجثتين دون علمهم. حسن، أحد الموظفين، يكتشف هذا الخطأ لكنه يخفيه عن زملائه، لتأخذ القصة منعطفات غير متوقعة، حيث يصبح الثلاثة محاصرين بين تصحيح الخطأ واحترام الطقوس الجنائزية. يقدم الفيلم توازنا دقيقا بين الفكاهة والدراما، حيث يتم التعامل مع الموت بعمق كوميدي لم يكن مألوفا في السينما المغربية.

الفيلم، بتصويره بالأبيض والأسود، يعزز من الطابع الهزلي والدرامي في آن واحد، مما يجعله عملا فنيا مميزا. استطاع “أرض الله” أن يبرز كأحد أهم الأعمال السينمائية التي تطرح موضوعات حساسة، مثل الموت، في إطار ساخر. هذا الأسلوب الجديد سمح للفيلم بأن يحظى بتقدير واسع من النقاد والجماهير على حد سواء، مما فتح الأبواب أمام المخرج عماد بنعمر للمشاركة في مهرجانات سينمائية دولية.

بنعمر، الذي نشأ في مدينة فاس وتلقى تعليمه في التسويق، تحول إلى السينما بعد اكتشاف شغفه بالإبداع البصري. رحلته الأكاديمية في المدرسة العليا للفنون البصرية بمراكش ساهمت في تشكيل رؤيته الفنية التي انعكست بوضوح في “أرض الله”. هذا الفيلم، الذي يعد نتاج تجربة شخصية لبنعمر بعد فقدانه لشخص مقرب، يظهر كيفية التعامل مع الموت بطريقة مختلفة، حيث استطاع بنعمر أن يعيد التفكير في الطقوس الجنائزية ويسخر منها بأسلوب فني مميز.

بفضل هذا العمل، أثبت بنعمر أن السينما المغربية قادرة على تقديم موضوعات جديدة بأساليب مبتكرة. من خلال “أرض الله”، قدم صورة غير تقليدية عن الموت، مما جعله يلقى إشادة واسعة في الأوساط السينمائية.