اختتم مهرجان الفيلم الوطني بطنجة فعاليات دورته الرابعة والعشرين مساء الجمعة، بعد أسبوع حافل بالعروض السينمائية المتنوعة. في نهاية المهرجان، تم عرض الفيلم الروائي الطويل “الثلث الخالي”، الذي أخرجه فوزي بنسعيدي، ليكون خاتمة مثيرة لمنافسات المهرجان. كان العرض مناسبة مميزة استقطبت عددا كبيرا من الجمهور ونجوم السينما المغربية، رغم غياب المخرج الذي لم يتمكن من حضور العرض بسبب ظروف تتعلق بسفره.
تدور أحداث “الثلث الخالي” حول مغامرات مهدي وحميد، وهما صديقان يعملان في وكالة لتحصيل الديون في الدار البيضاء. يسعى الثنائي إلى حل مشكلات العائلات التي تعاني من صعوبات مالية، حيث يتم إيفادهما إلى قرى نائية في الجنوب المغربي. خلال رحلتهما، يواجهان تحديات متنوعة، تتراوح بين الأمور الكوميدية والتراجيدية، مما يضفي طابعا مثيرا على القصة ويجعلها أكثر تعقيدا وواقعية.
أحداث الفيلم تتناول عمق العلاقات الإنسانية وتسلط الضوء على القضايا الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع المغربي. فخلال تجوالهما بين القرى، يقابل مهدي وحميد عائلات تعاني من الظروف الصعبة، مما يدفعهما للتفكير في العواقب الاجتماعية والاقتصادية لأعمالهما. الفيلم يتجاوز حدود الكوميديا التقليدية ويستعرض التوترات والصراعات التي تنشأ نتيجة لتلك الظروف، مما يجعله عرضا سينمائيا غنيا بالرسائل والأفكار العميقة.
من ناحية الأداء، جاء “الثلث الخالي” ليجمع مجموعة من الممثلين البارزين، مثل فهد بنشمسي وعبد الهادي طالب وهاجر كريكع، بالإضافة إلى نزهة رحيل ومحمد الشوبي. هذا التنوع في الأداء يساهم في خلق تجارب مختلفة لكل شخصية، مما يعزز من تفاعل الجمهور مع الأحداث. العرض السينمائي يتميز بجمالية بصرية لافتة، تبرز مهارات فوزي بنسعيدي كمخرج ومؤلف، حيث تمكن من تقديم لغة سينمائية تلامس روح القصة وتسلط الضوء على الجوانب الإنسانية فيها.
في إطار النقد السينمائي، أكد الناقد المغربي فؤاد زويريق أن “الثلث الخالي” يجسد رؤية فوزي بنسعيدي الفنية بأسلوبه الفريد، الذي يمزج بين الجمالية البصرية والمعالجة الفكرية. حيث يتمكن من طرح إشكاليات مجتمعية معقدة من خلال مجموعة من المواقف والأحداث، مما يجعل الفيلم تجربة فنية تستحق المشاهدة. هذا الطرح النقدي يسلط الضوء على أهمية الأعمال السينمائية في تقديم رؤى جديدة حول التحديات التي تواجه المجتمع.
مع اختتام فعاليات مهرجان الفيلم الوطني، يتطلع الجميع إلى الإعلان عن أسماء الفائزين بجوائز المهرجان، المقرر مساء السبت. ومن الواضح أن المهرجان نجح في تعزيز مكانة السينما المغربية، وفتح آفاق جديدة أمام صناع الأفلام والمواهب الشابة، مما يساهم في إغناء المشهد الثقافي والفني في المغرب.
1
2
3