أصبحت قضية الستريمر المغربي إلياس المالكي حديث الساعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وجهت إليه اتهامات متنوعة تتعلق بالتحريض على الكراهية والتمييز، بالإضافة إلى السب والقذف والإخلال العلني بالحياء. وتسببت هذه القضية في إثارة نقاش واسع بين المتابعين، خاصة وأن المالكي يعتبر من أشهر صناع المحتوى في العالم العربي ويشتهر بأسلوبه الجريء، إذ يجمع حوله فئة كبيرة من المتابعين الذين يجدون في محتواه نوعا من الجرأة التي تبرز آراء المجتمع، لكن هذه الجرأة وصلت إلى حد طرح تساؤلات حول الحدود الأخلاقية التي يجب أن يلتزم بها المؤثرون على المنصات الرقمية.
ومع توالي ردود الأفعال حول هذه القضية، أعلن عدد من مشاهير موسيقى الراب في المغرب عن تضامنهم مع المالكي، إذ رأى البعض في هذا التضامن دعما لشخصية استطاعت أن تبرز جيل الشباب وتعبر عن قضاياه بطريقتها الخاصة. هؤلاء المؤيدون اعتبروا أن المالكي، رغم الجدل الذي يرافقه، يجسد صورة حقيقية لحرية التعبير، معتبرين أن آراءه تثير اهتمام الجمهور وتطرح أفكارا غير تقليدية تتماشى مع جيل الرقمنة والانفتاح على العالم. ومع ذلك، فإن دعم المالكي لم يكن بالإجماع، إذ رفض عدد من الفنانين والمؤثرين اتخاذ موقف داعم له، معتبرين أن ما يقدمه يتجاوز القيم الأخلاقية ويؤثر بشكل سلبي على الجمهور، وخاصة فئة الشباب.
وكان من أبرز الفنانين الذين امتنعوا عن التضامن مع المالكي الفنان المغربي سي مهدي، الذي سبق له أن تعرض للهجوم من طرف المالكي في بث مباشر. وقد عبر سي مهدي عن موقفه بشكل واضح عبر حسابه على إنستغرام، حيث نشر منشورا يرد فيه على الأسئلة المتكررة التي وصلته حول سبب عدم دعمه للمالكي. وقال سي مهدي إن أفضل تضامن يمكن أن يقدمه له هو عدم رفع قضية ضده، واصفا تصرفاته وأسلوبه بالفيديوهات التي تضمنت إهانات مباشرة بأنها تعكس مستوى معين من الإساءة والتجاوز الذي لا يتماشى مع قيم الاحترام المتبادل، وقد أضاف في منشوره أن تسجيلات الفيديو التي تضمنته تلك الإهانات لا تزال لديه، معربا عن أمله في أن يعيد المالكي التفكير في أسلوبه ويتبنى مقاربة أكثر احتراما للآخرين.
وقد طرح موقف سي مهدي تساؤلات حول تأثير المحتوى الذي يقدمه صناع المحتوى عبر الإنترنت، إذ أشار البعض إلى أن مؤثري وسائل التواصل يتحملون مسؤولية اجتماعية كبيرة تجاه متابعيهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقيم الأخلاقية. وقد أضاف هذا الموقف أبعادا جديدة للقضية، حيث لم يعد النقاش محصورا في إطار تضامن أو رفض التضامن، بل تحول إلى نقاش أعمق حول دور وتأثير صناع المحتوى على سلوكيات وأفكار الأجيال الشابة، وقدرة هؤلاء المؤثرين على استيعاب مسؤوليتهم تجاه جمهورهم.
ورغم أن العديد من المتابعين ينظرون إلى المالكي على أنه صوت يعبر عن شريحة من الشباب المغربي، إلا أن البعض الآخر يرون في أسلوبه ومحتواه نوعا من التعدي على الخصوصيات والكرامة الإنسانية. هذا الانقسام بين مؤيد ومعارض يعكس مدى تعقيد قضايا التأثير الاجتماعي لمحتوى الإنترنت، حيث أصبح من الضروري التفكير في ضوابط أخلاقية يمكن أن تضبط حدود التعبير دون المساس بحرية الرأي، وهو أمر تتطلبه البيئة الرقمية الحالية في ظل انتشار المحتوى بشكل واسع.
وهكذا، تبدو قضية إلياس المالكي نقطة انطلاق لنقاشات أوسع حول معايير حرية التعبير في الفضاء الإلكتروني، وكذلك حدود الجرأة التي يمكن أن تقدم من خلالها المحتويات المثيرة للجدل. هذه القضية ليست سوى مثال صغير على تحديات الرقابة الذاتية والأخلاقيات في المحتوى الرقمي، وكيفية تعامل صناع المحتوى مع حرية الرأي دون الإضرار بمبادئ الاحترام وقيم التواصل السليم
1
2
3