في 20 نونبر المقبل، ستبدأ القاعات السينمائية المغربية عرض فيلم “آخر اختيار” للمخرجة رشيدة السعدي، وهو فيلم يعالج قضايا اجتماعية حساسة تهم المجتمع المغربي. يتناول الفيلم، من خلال قصة فتاة شابة، مشكلة إدمان القمار وكيفية تأثيرها على حياة الفرد وعلى محيطه الاجتماعي والعائلي. كما يكشف عن جوانب من حياة المرأة المغربية التي تتصارع مع ضغوطات الحياة، مما يؤدي بها إلى الوقوع في دائرة من الإدمان.
1
2
3
تتمحور أحداث الفيلم حول شخصية فرح الفاسي، التي تجسد دور امرأة شابة تخوض مغامرات مدمرة تتسبب في تهديد حياتها وحياة من حولها. تبدأ القصة عندما تجد هذه المرأة نفسها محاصرة بمشاكل نفسية واجتماعية، فتلجأ إلى القمار كوسيلة للهروب من الواقع. ورغم محاولات التكيف مع حياتها الزوجية، تجد نفسها عاجزة عن الشعور بالسعادة في علاقتها الزوجية، فتعود إلى القمار لتغرق في دوامة من الخسائر النفسية والمادية.
الفيلم يعكس آثار الإدمان على حياة الشخص من جوانب متعددة، فهو لا يقتصر فقط على الجانب المالي، بل يتناول أيضاً التبعات النفسية والاجتماعية العميقة التي تترتب على هذا الإدمان. وعليه، فإن المخرجة رشيدة السعدي تسعى من خلال هذا العمل إلى تسليط الضوء على الآثار المدمرة لهذه الظاهرة على المرأة بشكل خاص. كما تبرز القضايا المتعلقة بالعلاقات الأسرية، وتظهر كيف يمكن أن يؤثر إدمان القمار على الروابط العائلية، مما يؤدي إلى تفكك الأسرة وتدمير حياة الأفراد.
ومن خلال أسلوبها السينمائي الذي يمزج بين الواقعية والرمزية، تمكّن رشيدة السعدي من تقديم صورة سينمائية غنية وملهمة، تعكس التأثيرات النفسية التي يعيشها المدمن على القمار. بالإضافة إلى ذلك، فإن الفيلم يتيح للمشاهدين فرصة التفاعل مع أبعاد إنسانية عميقة، حيث يجسد معاناة شخصية نسائية تناضل من أجل التوازن بين رغباتها الداخلية والواقع القاسي الذي تواجهه. ومن خلال هذه المعالجة الرمزية، يتضح كيف أن الإدمان قد يكون وسيلة هروب، لكنه في النهاية لا يساهم في حل المشاكل بل يفاقمها.
الفيلم لا يقتصر على تقديم قصة امرأة ضحية لإدمان القمار فحسب، بل يوجه أيضاً رسالة تحذيرية لجميع النساء حول مخاطر هذه العادة المدمرة. وتهدف المخرجة رشيدة السعدي إلى إبراز الجوانب النفسية التي تقف وراء هذه الظاهرة، وتحفيز المجتمع على الوعي بالمخاطر المرتبطة بها. كما أنها تسلط الضوء على دور الأسرة في حماية الأفراد، خصوصاً النساء، من الانزلاق في دوامة القمار وتداعياته السلبية.
وفي هذا السياق، أوضحت المخرجة أن اختيارها لهذا الموضوع كان مدفوعًا برغبتها في معالجة ظاهرة كانت غالباً ما يتجاهلها المجتمع. فقد كانت أفلام إدمان القمار غالباً ما تركز على الشخصيات الرجالية، لكن رشيدة السعدي قررت أن تعرض هذه القضية من خلال شخصية نسائية. ولذلك، فإن الفيلم يعتبر من الأعمال السينمائية التي تفتح المجال لمناقشة قضايا جديدة لم يتطرق لها السينما المغربية بشكل كبير من قبل.
حقق فيلم “آخر اختيار” نجاحًا كبيرًا في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، حيث حصل على عدة جوائز مرموقة، من بينها الجائزة الكبرى في مهرجان السينما الدولي في كوبا. وبهذا، استطاع الفيلم أن يثبت جدواه في طرح قضايا اجتماعية معقدة بشكل مشوق وواقعي. كما أن المخرجة رشيدة السعدي تلقى إشادات كبيرة بسبب قدرتها على دمج البعد الإنساني والدرامي، مما جعل العمل يتصل بالواقع بشكل قوي ومؤثر.
من خلال فيلم “آخر اختيار”، تقدم رشيدة السعدي عرضًا سينمائيًا حافلاً بالرسائل الاجتماعية العميقة، التي تشجع على التوعية بمخاطر الإدمان على القمار، وتحث على التفكير في الحلول الممكنة لهذه الظاهرة، التي تؤثر على حياة الأفراد والمجتمع ككل.