موقع اناقة مغربية وشهيوات و وصفات حلويات المغربية للمرأة المغربية الحادكة

“تاكلا” أو العصيدة الطبق الرئيسي في احتفالات رأس السنة الأمازيغية


يعد الطبخ التقليدي في منطقة سوس ماسة جزءاً مهماً من الثقافة المحلية التي تمتزج فيها العادات والتقاليد مع الممارسات الزراعية. وفي هذا السياق، يتميز طبق “تاكلا” أو العصيدة بتواجده في المناسبات الهامة، حيث يصبح رمزاً للتراث المطبخي في المنطقة. يعتبر هذا الطبق، الذي يُحضر عادة بمناسبة رأس السنة الأمازيغية أو “إيض يناير”، علامة على التآزر الاجتماعي والاحتفال بالخير الذي يجلبه موسم الحصاد، مما يعكس ارتباط السكان بالأرض وبالثروات التي توفرها.
تعتبر “تاكلا” من الأطباق التي تحضر بشكل متكرر في الحياة اليومية لأهالي سوس، وتستعمل بشكل خاص في المناسبات الاحتفالية مثل بداية السنة الفلاحية الجديدة. يُشدد على أن هذا الطبق لا يقتصر على كونه وجبة غذائية فحسب، بل يتجاوز ذلك ليحمل دلالات ثقافية عميقة، حيث يقدم في إناء دائري مشترك بين أفراد الأسرة كرمز للوحدة والمشاركة.
تتميز هذه الوجبة بتنوع مكوناتها التي تعتمد على الحبوب المحلية، مثل الشعير والذرة، والتي يتم زراعتها في الأراضي الأمازيغية. إن ارتباط “تاكلا” بالأرض يعكس قيمة الزراعة في المجتمع الأمازيغي، حيث تساهم هذه المكونات البسيطة في تقديم وجبة صحية تساعد على مقاومة برودة فصل الشتاء. كما تشتهر بأنها من الأطباق التي تتمتع بقيمة غذائية عالية، مما يعزز قوت الجسم في مواجهة الطقس البارد.
من جانبه، يوضح الباحث عبد الكريم شعوري في دراسته حول “تاكلا” أن هذا الطبق يمثل أكثر من مجرد طعام. فهو يعبّر عن تعاون المجتمع الأمازيغي وارتباطه الوثيق بموسم الحصاد. وتعد “تاكلا” واحدة من الأطباق الرئيسية التي تحضر بمناسبة رأس السنة الأمازيغية، جنباً إلى جنب مع أكلة “أوركيمن”. ويضيف أن هذه الأكلات تحضر بعناية في ليلة رأس السنة الزراعية، التي تأتي بعد فصل الخريف في منتصف يناير، في إطار من الاحتفالات المليئة بالبهجة والأشعار الشعبية.
تبدأ طريقة تحضير “تاكلا” بتنقية الحبوب بعناية، حيث يقوم النساء العاملات في تحضير الطعام بتنقية الشعير أو الذرة من الشوائب. وبعد ذلك، يتم غلي الحبوب في الماء على نار هادئة حتى تتفتح الحبات تماماً، وهو ما يستغرق حوالي ساعتين. يتم بعد ذلك إضافة الدقيق والملح، مع تحريك المكونات بشكل دوري باستخدام ملعقة خشبية حتى تتماسك المكونات وتصبح كالعجين.
بعد إتمام التحضير، تقدم “تاكلا” في إناء دائري يعرف بـ”تازلافت”، حيث يتم تشكيل حفرة صغيرة في وسط الوجبة لوضع زيت الزيتون أو السمن أو حتى زيت الأركان. يتم تناولها عادةً باليد أو بالملعقة، ويمكن تزيينها بالعسل أو اللبن البلدي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تزيين العصيدة بالتمر والبيض والجوز الهندي، وتضاف في بعض الأحيان رموز مثل حروف “تيفيناغ” التي تمثل تهنئة بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.
من بين العادات المحلية التي لا تزال حية في سوس، توجد عادة دفن نواة التمر أو البلح وسط “تاكلا”. يعتقد الكثيرون أن من يعثر على هذه النواة أثناء تناول الطعام سيكون محظوظاً طوال العام، كما أن هذه العادة تُنسب إلى رمز من التفاؤل والتوقعات الجيدة للمستقبل. يعد العثور على النواة بمثابة بشارة، وتعتبر علامة على النجاح والبركة في الحياة الجديدة.
إن ارتباط “تاكلا” بكل هذه الرموز والعادات يعكس عميقاً روح التعاون والاحتفال في المجتمع الأمازيغي. إن تحضير وتناول هذا الطبق يجسد التلاحم الأسري والتقاليد الراسخة التي تعبر عن شكر الله على نعم الأرض والمحاصيل الزراعية، بالإضافة إلى كونه تجسيداً للفرح والابتهاج بحلول سنة فلاحية جديدة.

1

2

3

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا