في إطار فعاليات الأسبوع العربي في مقر اليونسكو بباريس، شدد السفير سمير الدهر، المندوب الدائم للمملكة لدى اليونسكو، على الدور الفعال الذي يلعبه التراث الثقافي في تعزيز تطور المجتمعات، في عالم يتسم بتزايد النزعات الاستبعادية والإنكار. حيث أكد أن المغرب، ومن خلال غنى تنوعه الثقافي، قد جعل من هذا التنوع محركاً رئيسياً في مسيرته نحو التحديث الاجتماعي والتنمية المستدامة.
1
2
3
السفير الدهر في كلمته الافتتاحية لمعرض “المغرب: تقليد الانفتاح والسلام” الذي أقيم في مقر اليونسكو، أكد على أهمية المغرب في زمن تزدهر فيه الأفكار التي تنكر الآخر وتقصيه. فقد جسد المغرب، كما قال، ما تعنيه “تحالف الحضارات” من خلال احترام كل الهويات الثقافية، ورؤية المغرب التي تدعو للاستماع إلى جميع السرديات واحترام التاريخ والروحانية الخاصة بكل شعب. بلغة مليئة بالاحترام، أشار الدهر إلى أن المغرب لا يقتصر على الحفاظ على تراثه الخاص، بل يُعلي من شأن التفاعل الثقافي الذي يعزز السلم بين الأديان والثقافات المختلفة.
تحدث الدهر بفخر عن تنوع المغرب الثقافي، الذي يمتد عبر الثقافات الأفريقية والأمازيغية، العربية-الإسلامية، الحسانية، اليهودية، الأندلسية والمتوسطية. وأوضح أن هذا التنوع يشكل مصدراً لفخر المغاربة يومياً، ويعزز من هوية بلدهم التي تتسم بالانفتاح والعيش المشترك. كما أشار إلى أن هذا التقليد يشكل عنصراً حيوياً للمستقبل، حيث تسهم مختلف جهات المملكة في إثراء هذا التنوع الثقافي، ليصبح جزءاً لا يتجزأ من رؤية المغرب في تعزيز الثقافة والسلم العالمي.
وفي نفس السياق، شدد السفير على أن المغرب يُعتبر مثالاً حياً على التعايش بين الأديان والثقافات المختلفة. فقد أكد أن أرض المغرب تحتضن آلاف المسلمين واليهود والمسيحيين الذين يتعايشون معاً في جو من المحبة والاحترام المتبادل. وقال إن هذه الواقعية التي يعيشها المغرب تسهم في تعزيز قيم الانفتاح والسلام، وهو ما يشكل ركيزة أساسية للسياسة الخارجية المغربية، وتوجهاتها في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة.
كما أضاف الدهر أن قيادة المغرب الحكيمة تحت إشراف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي يشتهر بدعمه لقيم الانفتاح والسلام، هي التي توجه العمل المتعدد الأطراف للمملكة. فقد ساهم المغرب في تعزيز هذه القيم عبر مشاركته الفاعلة في منظمات دولية مثل اليونسكو، حيث يركز على الترويج للتعليم، الثقافة، العلوم، ووسائل التواصل كمبادئ أساسية للتضامن الدولي.
في معرض “المغرب: تقليد الانفتاح والسلام”، الذي يستمر حتى 11 أبريل، يتم عرض مهارات مغربية عريقة في صناعات تقليدية يتم نقلها عبر الأجيال من خلال ورشات حية. المعرض يحتوي على قطع فنية قديمة تعكس الهوية المغربية الراسخة، مشبعة بالقيم التي يحرص المغرب على ترسيخها في العالم. حيث يهدف المعرض إلى إبراز دور هذه الصناعات التقليدية في الحفاظ على التراث الثقافي الحي، ويعرض أيضاً مجموعة من الأعمال الفنية التي تمثل التراث المغربي، مثل الحرف اليدوية التي تم تسجيلها على لوائح اليونسكو.
المعرض يركز أيضاً على عرض تقاليد الضيافة المغربية، حيث يسلط الضوء على الطقوس المتنوعة والمناسبات التي تبرز كرم الضيافة المغربي. ويُعد الشاي بالنعناع والمأكولات التقليدية جزءاً لا يتجزأ من هذا الإرث الثقافي العريق.