هناك الكثير من المعتقدات الخاطئة المتعلقة بالنشاط والقدرة لبعض المأكولات أو حتى بعض الأعشاب، والتي قد تتسبب في حدوث مضاعفات خطيرة تدمر الممارسة الحميمة ويصعب علاجها، والمؤسف أن بعض من يقدمون هذه النصائح يتحدثون على الأرجح من منطلق الخبرة الشخصية لهذا الشخص، ولا تكون مبنية على أي أسس علمية، ما يسبب الكثير من الانقياد وراء الأوهام؛ بحثاً عن الحلم العالمي للحصول على «القدرة الخارقة»، وهو أمر أولاً ضد الطبيعة الإنسانية، كما يجب أن نعرف أن العلاج يكون للاضطرابات الناتجة عن أي أسباب، سواء عضوية؛ مثل مضاعفات مرض السكري، أو حتى نفسية؛ مثل اضطرابات قلق الأداء. وهنا سنتحدث عن بعض هذه الأعشاب، وأيضاً الأدوية التي يتم تداولها بناءً على «استشارات الأصدقاء»، ونوضح أيضاً الحقائق العلمية فيما يتعلق بما يمكن أن يكون له أساس من الصحة، والفاعلية العلاجية لهذه الأعشاب وغيرها، وما دور البحث العلمي في تحقيق التوازن المرغوب في العلاقة الحميمة، سواء للرجل أو للمرأة.
1
2
3
الحالة
تقول «أحلام»: إنها أخطأت خطأ عمرها، حين استعانت بإحدى الصديقات؛ لتساعدها على حل مشكلة متعلقة بالأداء الحميم عند الزوج، والآن هي تدفع الثمن من الشعور بالذنب وتأنيب الضمير لما أصاب زوجها، وتضيف: «أرجو أن تساعدوني وتنصحوني. لمن ألجأ، وكيف أصلح الخلل الذي حدث؟ وما هو العلاج؟».
بداية المشكلة أنني تزوجت من رجل يكبرني بأكثر من عشرين عاماً، وسبق له الزواج ولم ينجب؛ نتيجة خلل في الحيوانات المنوية لديه، فهي ميتة، وجربنا كل الطرق ولم نوفق، واقتنعت ورضيت بقضاء الله وقدره، وبدأت أعامله بكل الدلال، واتفقنا على أن نستمتع بحياتنا بكل جوانبها، خاصة العلاقة الحميمة، ولكن بدأت ألاحظ عليه نوعاً من الضعف، ما تسبب في شعوري بالقلق عليه، وطلبت منه أن نراجع الطبيب، ولكنه رفض وقال إنه مجرد إرهاق، وبدأ في تناول كل ما هو طبيعي؛ من خضار خاصة الجرجير، والأسماك، ولكن الحال لم يتغير، وبدأت أبحث في الإنترنت وأسأل صديقاتي المقربات جداً عن أفضل الوسائل الطبيعية؛ من أعشاب أو غيرها، والتي تساعد على تحسين هذه الحالة، وهنا اقترحت عليَّ إحدى صديقاتي أن أجرب مادة طبيعية تعرف بـ«يوهمبين» أعطيها لزوجي قبل العلاقة الحميمة، وأقنعتني بأنها مجرَّبة وتعطي نتائج رائعة، وهي شخصياً جربتها مع زوجها واستفاد منها، وفعلت، وليتني لم أفعل! فما حدث جعلني فعلاً أخاف على زوجي؛ حين أصابته حالة غريبة لم يكن يعاني منها أبداً؛ وهي حالة من الخوف الشديد والشعور بأنه يموت، ما جعلنا نذهب للطوارئ، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن وهو يتلقى علاجات مختلفة، وأصبح لديه خوف شديد من العلاقة الحميمة، وعرض عليَّ الطلاق؛ حرصاً عليَّ من الإحباط؛ لأنه مقتنع تماماً بعدم إمكانيته لممارسة العلاقة أبداً، وهو ما جعلني أشعر أكثر بالذنب، وأنني إنسانة أنانية والسبب في كل ما أصابه، فتمسكت به، ولن أتخلى عنه مهما حدث، وسؤالي: هل فعلاً أن هذه المادة هي السبب فيما حدث؟ وهل هناك علاج لإعادة العلاقة لما كانت عليه؟
الإجابة:
أختي الفاضلة، أولاً شكراً لكِ على صراحتك ووضوحك في عرض المشكلة، وهذا يعتبر أهم خطوة في طريق الوصول للتشخيص الصحيح ومن ثم العلاج. هناك عدة نقاط نحتاج لمناقشتها، وسألخصها هنا في النقاط التالية:
أولاً: لا نعرف ما العلاج الذي تلقاه الزوج في السابق أثناء علاج حالة عدم الإنجاب لديه، والتي قد تكون السبب أو أحد الأسباب لمعاناته من الضعف أو حتى فقدان الرغبة، وما هي الحالة المزاجية لديه، وما إذا كان يعاني من الاكتئاب أم لا، وما هو وضعه الصحي العضوي، خاصة ما يتعلق بمرض السكري، أو ارتفاع ضغط الدم، أو اضطرابات في وظائف الغدد والهرمونات.
ثانياً: بعض النصائح التي يقدمها لنا الأصدقاء ليست بالضرورة مفيدة لحالات نعاني منها، فهناك أمور يجب أن نعرفها عن حالة الشخص، ومشاعره الخاصة تجاه ما عاناه؛ من عدم القدرة على الإنجاب، وكيف تقبّل الأمر، وما هي قدراته قبل أن يبدأ في أي علاج.
ثالثاً: الكثير من الناس لديهم معتقدات غير صحيحة حول بعض الأطعمة والخضار وأيضاً الأعشاب، منها ما ينتشر حول أهمية الأكل البحري أو الجرجير أو الزعفران وغيرها من القائمة الطويلة، ولتوضيح الحقائق العلمية نقول إن تناول الإنسان لأي من هذه المواد؛ بهدف العلاج وتحسين الأداء لا يحقق النتائج المأمولة، وإنما يعتمد الأمر على نمط الحياة، فكلما كانت الصحة العامة للإنسان جيدة، انعكس ذلك إيجابياً على الأداء، ولم يثبت علمياً أن أياً من هذه المواد لها فائدة علاجية لعلاج الاضطرابات، سواء لدى الرجل أو المرأة، وهنا لا ننسى الجانب النفسي الإيحائي لمثل هذه النصائح على الإنسان.
رابعاً: مادة الـ«يوهمبين» مادة قديمة وتستخدم في بعض الحالات سابقاً، أما الآن ومع التطور الهائل في مجالات صناعة الدواء، فقد أصبحت أقل استخداماً؛ نظراً لما لها من آثار سلبية، وأهمها على الإطلاق أنها تتسبب في حدوث حالات من الهلع أو الفزع لدى بعض الناس، ومثل هذه النوبات تكون مخيفة للمريض، والذي يشعر بتسارع في ضربات القلب، والشعور بالخوف الشديد، وتستمر هذه الحالة عادة من عدة دقائق إلى حوالي ربع ساعة، ثم تزول، ويحلّ مكانها الخوف من عودتها مرة ثانية، وإذا تكرر حدوثها في مكان ما مثل المصعد أو السيارة أو أثناء العلاقة الحميمة، يصاب الشخص بحالة من الخوف الشرطي للمكان والزمان الذي تحدث فيهما النوبة، ويجب علاجها لدى الطبيب المختص؛ لأنها تؤثر سلباً على نمط الحياة لدى الإنسان وعائلته، ويجب أن يتوقف تماماً عن تناول هذه المادة وعدم معاودة استخدامها.
خامساً: شعورك بالذنب مفهوم، ولكن يجب أن تدركي أنك لم تكوني تعرفين أياً من هذه المضاعفات، فكما سبق وذكرتِ أن ما ينفع شخصاً ليس بالضرورة أن يتم تعميمه على الحالات المشابهة، وعدم استخدام مثل هذه المواد إلا بإشراف طبي متخصص، وما فعلتِه كان أفضل ما اجتهدت فيه وقتها، فحاولي أن تخرجي من هذا الشعور؛ لتتمكني من مساعدة زوجك.
سادساً: يجب أن تتابعا مع الطبيب المختص، ولا مجال هنا لأي خجل أو خوف مهما كان عمر الشخص، وحالته تستوجب أن يكون تحت الرعاية الطبية من قبل الطبيب النفسي، وأودّ أن أطمئنك بأن حالات الهلع تستجيب للعلاج بصورة جيدة جداً، كما يجب أن تتابعا مع طبيب الذكورة؛ لتحديد الأسلوب العلاجي المناسب لحالة الزوج.
نصيحة:
النصيحة القائلة «اسأل مجرّب» يجب ألا تستخدم في أي أمر يتعلق بصحتنا، وزيارة للطبيب المختص تغنيكِ عن سنوات من المعاناة التي قد تنتج من نصيحة صديق.