رمضان في المغرب..  بين العادات و المهن موسمية

 

1

2

3

دخول شهر رمضان الكريم في المغرب، تعود معه العديد من العادات والتقاليد والمهن.  ولأن هذه العادات هي التي تعطي للشهر الكريم جو مختلف عن باقي الأيام العادية، تتوزع بين ما هو إجتماعي وروحي وثقافي وما هو استهلاكي محض. سنحاول من خلال هدا الروبورتاج رصد هده المهن وإستعدادات المرأة المغربية لهدا الشهر الكريم.   

مغربيات يعملن على طرد ارواح الغبار قبل دخول رمضان

تبدأ عادت رمضان في المغرب  قبل اقترابه ب 15  يوما على الأقل. تصبح خلاله البيوت المغربية في حالة استنفار غريبة.  تقوم المرأة المغربية بحملة نظافة تعمل خلالها على قلب البيت رأسا عن عقب، بحتا عن أي ذرة غبار أو اوساخ قد تنغص عليها احتفالها بالشهر الكريم. فكل امرأة مغربية تأبى أن تعزل نفسها عن الطقس السنوي الذي تقول به كل نساء الحي. ولا يفوتنا تنظيف المطبخ، خلاله تقوم المغربية بغسل كل الأواني ولا تكتفي، بل تصر على شراء الجديد ايضا.

 

تقول فاطمة لي لالة مولاتي، وهي ربث بيت تبلغ من العمر 45 عاما. “ميمكنش يدخل رمضان بلا منخمل داري.. ضروري منتقدا حويجات جداد بحال طبايسلات خاصة بالسفوف و مقلات خاصين بالبغرير وغيرها..”.

 

اضافت ابنتها البالغة من العمر 16  سنة “أمي من الأشخاص التي يستحيل أن تكون هناك مناسبة دينية مثل الأعياد او شهر رمضان دون ان تغسل البيت كله..” و استرسلت سارة قائلة “أنا أحب النظافة طبعا  و بيتنا دائما نظيف، لكنني لا احب ما تفعله امي و جارتنا من مبالغة في التنظيف ما هو نظيف اصلا”. و لا ننسى ان النساء العاملات لا يخرجن من عن هذا العرف فهن يستعن بنساء متخصصات في هذا العمل ليقومو ‘بتخميل’ البيت كاملا استعدادا لهذه المناسبة.

المساجد في المغرب.. تتهيأ ايضا  لاستقبال رمضان

لا تتوقف عادات وتقاليد شهر رمضان في المغرب عند حمالات تنطيف البيوت بل تشمل تنظيف المساجد ايضا.  يعمل المشرفون على مساجد في كامل أنحاء البلاد على تنظيفها وتعطيرها بأفضل العطور لإستقبال المصلين. وغالبا ما تحضى هده المبادارت بترحيب كبير من جمعيات و شباب يتطوعون للقيام بها كل سنة برحابة صدر.

وللجانب الروحي مكان أيضًا في عادات المغاربة  في هذا الشهر الفضيل، حيث تزدهر حلقات تحفيظ القرآن ومجالس الذكر والوعظ الديني والمحاضرات في ربوع المملكة، والمسابقات الدينية طوال ليالي وأيام الشهر الكريم، وتصدح المآذن بتلاوات خاشعة للقرآن، وتقام صلاة التراويح في جميع المساجد، تقربًا إلى الله. حتى ان من لا يصلون طيلة السنة يحرصون على صلاتها في شهر رمضان بل و تمتلئ المساجد على اخرها، حتى الصفوف خارج المسجد نجدها تسد الشوارع احيانا.

 

المغاربة استهلاكيون فوق العادة

العادات الاستهلاكية الغذائية لشهر الصيام هي من أبرز ما يمكن ملاحظته في هذا الشهر حيت تظهر معها مجموعة من المهن الموسمية العاكسة لأعراف هذا الشهر المبارك.

“الورقة”، واحدة من أبرز المكونات الغذائية التي لا تكتمل المائدة الرمضانية بدونها، كيف لا وهي تشكل المكون الأساسي لتحضير ما يعرف ب”البريوات” و”المعمر” و”البسطيلة” وغيرها من الوصفات المغربية التقليدية، فضلا عن الإقبال المتزايد على اقتناء حلويات رمضان من “شباكية” و”مخرقة” و”المقروط” و”البشنيخ” و”السفوف” أو ما يعرف ب “سلو”.

يؤكد الحاج عمر، من موقعه كصاحب محل لبيع “الورقة” والحلويات بسوق العالية – المحمدية، في تصريح لي لالة مولاتي، أن النساء “يُقبلن بشكل ملفت على اقتناء (الورقة) من أجل إعداد ما لذ وطاب من الأطباق الرمضانية (…)”.

وبخصوص أسباب لجوء عدد من النساء إلى اقتناء حلويات رمضان بدل إعدادها في البيت، ارجعت عائشة أم لطفلين وتشتغل معلمة بالقطاع الخاص، كما أنها زبون دائمة لمحل الحاج عمر إلى أن تغير الذي حصل في شكل المجتمع المغربي، حيت اصبحت الزوجة تشارك في جميع مصاريف البيت  مثلها مثل الرجل هو وراء انتشار ظاهرة اقتناء المأكولات الرمضانية الجاهزة، و “بحكم أن النساء الموظفات والعاملات خارج البيت عموما، لا يجدن الوقت الكافي لإعداد هذه الحلويات التي تتطلب مجهودا وحيزا زمنيا كبيرا”.

كما ان الفطائر المغربية التقليدية من “بغرير” و”مسمن” و”رزة القاضي” و”البطبوط ” أو “المخامر او الشيار”، تسجل كذلك مبيعات قياسية خلال شهر الصيام، لما لحضور هذه الأطباق من رمزية تقافية متوارتة ضمن مكونات المائدة الرمضانية. هذا الأمر تؤكده الحاجة نزهة، التي تعمل كبائعة للفطائر التقليدية بسوق العالية مند أكتر من 7 سنوات “الإقبال على شراء هذه الفطائر يزيد خلال رمضان بحوالي ثلاثة أضعاف عن الأيام العادية. و الحمد لله نبيع بشكل جيد في هذا الشهر الكريم (…)” مضيفة “رمضان كي يدخل ببراكتو سبحان الله”، مشيرة بدورها، إلى أن النساء الموظفات و العاملات هن أكثر الفئات الاجتماعية إقبالا على هذا المكون الغذائي التقليدي، بحكم ضيق وقتهن وتعدد مسؤولياتهن بين الحياة المهنية والحياة العائلية و انها ايضا تعود للبيت مرهقة فبدورها تشتري بعض المواد جاهزة.

 

 

ومن أبرز المنتجات والمواد الغذائية التي يكثر عليها الطلب كذلك خلال هذا الشهر الفضيل، العصائر و  عصير البرتقال الطبيعي على وجه الخصوص، على اعتبار أن شهر رمضان أضحى يصادف خلال الأعوام الأخيرة فترات ترتفع فيها درجات الحرارة. في هذا الصدد، يقول يونس، صاحب عربة لبيع عصير البرتقال بسوق العاليا بالمحمدية، أن “نشاط بيع عصير البرتقال يجلب مردودية أعلى بكثير خلال رمضان مقارنة مع باقي أيام السنة، نظرا لتزايد الطلب عليه.” 

شهر رمضان، وبالنظر إلى خصوصيته الروحانية والثقافية والاجتماعية، يتميز كذلك بظهور أنشطة مهنية أخرى كالإقبال على بيع سجادات الصلاة والمصاحف والكتب الدينية والأقراص المدمجة للقرآن الكريم. يعتبر هدا التناقض في المغرب بين ما هو ديني ونقيضه استهلاك دنيوي هو أهم ما يميز الشهر الكريم عن باقي فترات السنة وما يدفع العديد من المغاربة خارج أرض الوطن وبعض المسلمين حول العالم لإختياره وجهتا لقضاء شهر الصيام فيه.