فن أحواش في المغرب تراث الأمازيغ الحي بين الأصالة والتجديد

 

1

2

3

يعتبر فن “أحواش” من أبرز الفنون الشعبية التي تميز الثقافة الأمازيغية في المغرب، حيث يعكس جوانب متعددة من الحياة الاجتماعية والتراثية لهذه القبائل. يشمل هذا الفن أنواعا من الرقص والغناء، ويمارس بشكل جماعي، مما يجعله تجسيدا للروابط الإنسانية بين الأفراد والمجتمعات. على مر السنين، شهد “أحواش” تطورا ملحوظا، لكنه في الوقت نفسه واجه تحديات عديدة، مما أثر على معانيه وأشكاله.

التاريخ والتطور:

يمتد تاريخ فن “أحواش” إلى جذور عميقة في الثقافة الأمازيغية، حيث يعد تعبيرا فنيا تاريخيا يجسد تفاعل الإنسان مع محيطه. رغم أن “أحواش” كان يمارس في السابق بشكل تلقائي ودون قيود، إلا أن التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها مناطق سوس والجنوب المغربي في السنوات الأخيرة أدت إلى ظهور أشكال جديدة من الأداء، قد تميزت أحيانا بالابتذال. ومع ذلك، لا يزال “أحواش” يمثل أداة لتوثيق الذاكرة الجماعية، حيث يستمر كبار السن في نقل الموروث الثقافي إلى الأجيال الجديدة.

أشكال الأداء والآلات الموسيقية:

يتنوع الأداء في “أحواش” بين رقصات ذكورية محضة وأخرى نسوية أو مختلطة، وتعتمد على تنسيق حركات راقصيها مع إيقاعات آلات موسيقية خاصة. من بين الآلات الأكثر استخداما نجد “تالونت” (البندير) و”كانكا” (الطبل)، حيث يساهم ضابط الإيقاع المعروف ب”أمرياس” في ضبط التنسيق بين الصوت والحركة. يعد “أسايس” هو الميدان الذي يتم فيه أداء “أحواش”، ويعتبر فضاء يجمع بين الطقوس الاجتماعية والاحتفالات.

التأثيرات الحديثة والتحديات:

مع تزايد شهرة فن “أحواش” على الصعيد الدولي، شهد هذا الفن تسابقا محموما نحو تطوير أشكاله الخارجية دون مراعاة الجوانب الثقافية والروحانية. هذا الإغراق في المظاهر والشكل قد يؤدي إلى تفريغ “أحواش” من معانيه الأصلية. ومن الملاحظ أن التغيرات في الأذواق والاتجاهات الحديثة قد أثرت سلبا على جودة الأداء، حيث أصبحت بعض الأشكال الفنية تفتقر إلى الأصالة والعمق.

الحفاظ على التراث والتحديات المعاصرة:

على الرغم من التحديات التي تواجه فن “أحواش”، هناك جهود متواصلة من قبل بعض الجمعيات الفنية والثقافية للحفاظ على التراث الأمازيغي. تهدف هذه المبادرات إلى بعث وتجديد فن “أحواش” من خلال تنظيم مهرجانات وعروض ثقافية. ومع ذلك، لا يزال العديد من الفنانين التقليديين يعيشون في ظروف صعبة، مما يتطلب دعما أكبر للحفاظ على هويتهم الفنية.

يمثل فن “أحواش” أكثر من مجرد رقص وغناء؛ إنه تجسيد للثقافة الأمازيغية وحياة المجتمعات المحلية. مع أن هذا الفن قد واجه تحديات عديدة، تبقى الجهود المبذولة للحفاظ عليه ضرورية لضمان استمرارية هذا التراث الغني. يجب أن تتجه الأنظار نحو أهمية المضمون والمعنى، بعيدا عن الاستهلاك السطحي للفن، لضمان أن يبقى “أحواش” معبرا حقيقيا عن روح وثقافة الأمازيغيين في المغرب.

فن أحواش في المغرب تراث الأمازيغ الحي بين الأصالة والتجديد