انطلقت فعاليات “الصالون الوطني للفنانين الشباب للفن المعاصر” في فيلا الفنون بالدار البيضاء، في حدث يكتسب أهمية استثنائية في تاريخ الفن المعاصر بالمغرب، حيث تنظمه جمعية “بصمة” بدعم من مؤسسة المدى ووزارة الشباب والثقافة وبشراكة مع مدينة الدار البيضاء. المعرض الذي يستمر طيلة شهر نونبر الحالي يمثل فرصة كبيرة لعرض أعمال مجموعة من الفنانين الشباب المغاربة، الذين تم اختيارهم بعناية، ليبرزوا إبداعاتهم في هذا المجال. يهدف المعرض إلى تسليط الضوء على فنون الشباب وتقديم منصة لهم لإظهار تنوعهم وابتكارهم، مما يساهم في تعزيز مكانة الفن المعاصر في المغرب ويشجع على الانفتاح على الثقافات العالمية.
1
2
3
المعرض لا يقتصر فقط على عرض الأعمال الفنية، بل يتضمن مجموعة من الفعاليات التعليمية والتفاعلية التي تهدف إلى تمكين الفنانين الشباب من اكتساب مهارات جديدة وتحفيزهم على تقديم إبداعات أكثر تطوراً. إذ يتماشى مع رؤية المغرب الثقافية لعام 2030 التي تسعى إلى تطوير المواهب الشابة وتحقيق إشعاع عالمي للفن المغربي. ينظم المعرض العديد من ورش العمل التي يديرها خبراء محليون ودوليون، مما يعزز فرص التبادل الثقافي بين المشاركين والجمهور، حيث يقدم المعرض مساحة للحوار والنقاش حول قضايا الفن المعاصر وأبعاده المختلفة.
علاوة على المعرض، تم إضافة برنامج “أوف” المميز الذي يضم فعاليات فنية موازية تهدف إلى خلق تفاعل مستمر بين الفن والجمهور، من خلال التعاون مع مختلف المؤسسات الثقافية في الدار البيضاء. هذا البرنامج يعكس رغبة كبيرة في تعزيز مكانة المدينة كوجهة ثقافية رئيسية، وذلك بالعودة إلى جذور تاريخها العريق في الفن البصري الذي شهدته على مر العصور. فبدلاً من أن يكون المعرض حدثاً معزولاً، فإن هذه الأنشطة الموازية تعزز التفاعل الاجتماعي مع الفنون الحديثة وتساهم في إعادة إحياء روح مدرسة الدار البيضاء الفنية، التي شكلت حجر الزاوية للفن التشكيلي المغربي.
المعرض يشارك فيه أكثر من أربعين فناناً، حيث تم اختيارهم بعناية من قبل لجنة تحكيم مستقلة لضمان تنوع الأعمال ومستوى الابتكار فيها. وقد تم تصميم البرنامج ليشمل ورشات عمل متخصصة وندوات حول مواضيع جديدة في الفن مثل العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والفن، مما يعكس أهمية التكنولوجيا في العصر الحالي. كما يقدم المعرض فرصاً للفنانين الشبان للتعلم من خبراء محليين ودوليين عبر جلسات “ماستر كلاس”، مما يسهم في إغناء تجربتهم الفنية وفتح آفاق جديدة أمامهم.
ويعد هذا الحدث بمثابة فرصة حقيقية لتعزيز المشهد الفني في المغرب، حيث يهدف المنظمون إلى تمكين الفنانين من الوصول إلى شبكات دعم مهنية، مما يمكنهم من التطور في مسيرتهم الفنية. كما يساهم المعرض في تقديم دعم معنوي للفنانين الشبان من خلال توفير بيئة تحتضن إبداعاتهم وتساعدهم في تطوير مهاراتهم في الفن المعاصر. ويدرك المنظمون أهمية تسليط الضوء على هذه المواهب التي تشكل جزءاً أساسياً من مستقبل الفن المغربي.
من جهة أخرى، يركز المعرض على تعزيز مكانة المغرب على الساحة الفنية العالمية، إذ يعكف المنظمون على دعوة نقاد فنيين دوليين من مختلف أنحاء العالم للمشاركة في الفعاليات ومناقشة تأثير الفن المعاصر في ثقافات الشعوب. هذا الانفتاح على التجارب الفنية الدولية يعزز من مكانة المغرب كداعم رئيسي للفن المعاصر وكمساهم في تطوير المشهد الفني العالمي. فمن خلال هذه الفعاليات، يسعى المعرض إلى تحقيق هدفه في جعل المغرب مركزاً للفن المعاصر ويجعل من الدار البيضاء نقطة جذب ثقافية على مستوى العالم.
تأسست جمعية “بصمة” أثناء جائحة كورونا لتكون الحافز الأساسي لدعم وتشجيع الفنانين الشباب في مجالات الفنون البصرية. ومنذ تأسيسها، عملت الجمعية على تنظيم العديد من المشاريع الفنية التي أسهمت بشكل كبير في تطوير المشهد الفني في المغرب، وخصوصاً في فترة كانت الظروف غير مواتية للفنون والثقافة. كما أن الجمعية تعتمد على لجنة تحكيم متخصصة تضم نخبة من الخبراء مثل هشام بوزيد وحسن الشاعر وابتسام غزاوي، الذين يضمنون أن المعرض يقدم أعمالاً مبتكرة ومتميزة في مجال الفن المعاصر.
من خلال تنظيم هذا المعرض، تسعى جمعية “بصمة” إلى تكريس الدار البيضاء كملتقى للفن المعاصر، حيث تتفاعل الفنون مع الجمهور بشكل مستمر ومتجدد، مما يعزز من مكانة المدينة في الساحة الثقافية المغربية والدولية. وبالتالي، يساهم المعرض في نشر الثقافة الفنية بين أوساط الشباب وفي توفير فرصة للتفاعل المباشر مع أعمال الفنانين، مما يجعل هذا الحدث الفني نقطة تحول في مشهد الفن المعاصر في المغرب.