في تطور لافت أثار اهتمام الرأي العام، قضت المحكمة الابتدائية في مدينة الجديدة بسجن اليوتيوبر المغربي إلياس المالكي أربعة أشهر نافذة مع تغريمه مبلغ 5000 درهم. جاء هذا الحكم إثر سلسلة من التهم التي وجهت إليه بناءً على شكاوى تقدمت بها هيئات حقوقية ومدنية أمازيغية، وقد شملت التهم التحريض على الكراهية والتمييز، إضافة إلى الإخلال العلني بالحياء والسب والقذف العلنيين واستهلاك المخدرات.
1
2
3
الحكم جاء بعد أن أثارت تصرفات إلياس المالكي موجة من الانتقادات من قبل فعاليات حقوقية ومدنية، اعتبرت أن محتوياته تجاوزت حدود حرية التعبير نحو التحريض على الفوضى والمس بكرامة الأفراد. السلطات الأمنية في الجديدة كانت قد أوقفت المتهم قبل أسابيع، وذلك بعد رصد منشورات ومقاطع مصورة له أثارت استياء العديد من مكونات المجتمع، ما دفع هذه الهيئات إلى رفع شكاوى تطالب بمحاسبته قضائيًا.
بعد اعتقاله، مثل إلياس المالكي أمام النيابة العامة التي أمرت بمتابعته في حالة اعتقال. وبناء على معطيات التحقيق، قرر قاضي المحكمة الابتدائية إيداعه السجن المحلي سيدي موسى. وقد استند هذا القرار إلى الأدلة التي قدمتها الجهات الشاكية، والتي تضمنت مقاطع فيديو وتصريحات منشورة عبر منصات التواصل الاجتماعي. وتم اعتبار هذه المواد كأدلة تثبت تورطه في التهم الموجهة إليه.
هذه القضية أثارت نقاشًا واسعًا حول تأثير المحتوى الرقمي على السلم الاجتماعي، خصوصًا عندما يتم استخدامه في نشر رسائل قد تؤدي إلى التمييز أو الكراهية. العديد من الخبراء في مجال القانون والإعلام أشاروا إلى أن هذه الحادثة قد تكون بداية لمرحلة جديدة تتسم بتطبيق أكثر صرامة للقوانين التي تنظم النشر الإلكتروني، وتهدف إلى الحد من التجاوزات التي يمكن أن تؤدي إلى عواقب اجتماعية خطيرة.
بينما يعبر البعض عن ارتياحهم لهذا الحكم، معتبرين أنه رسالة واضحة لصناع المحتوى الرقمي بضرورة احترام المعايير الأخلاقية والقانونية، يرى آخرون أن التحدي الأكبر يكمن في إيجاد توازن بين حرية التعبير والمسؤولية القانونية. هذه المسألة أصبحت أكثر إلحاحًا مع تزايد أعداد المستخدمين للمنصات الرقمية وتوسع نطاق تأثيرها على مختلف شرائح المجتمع.
القضية لم تقتصر على الحكم الصادر، بل أثارت تساؤلات حول الحاجة إلى توعية الجمهور، وخاصة الشباب، بخطورة التورط في نشر محتويات تضر بالآخرين أو تمس بقيم المجتمع. كما سلطت الضوء على الدور المهم للهيئات الحقوقية والمدنية في مراقبة الفضاء الرقمي، والعمل على حماية حقوق الأفراد من أي انتهاكات قد تحدث عبر الإنترنت.
ما حدث مع إلياس المالكي يمثل حالة نموذجية للجدل الذي يحيط بحرية التعبير في العصر الرقمي، حيث أصبحت الحدود بين ما هو مقبول وما هو مرفوض ضبابية أكثر من أي وقت مضى. هذه القضية قد تدفع المشرعين إلى مراجعة القوانين الحالية لتواكب التحديات التي يفرضها التطور التكنولوجي السريع، وتحافظ في الوقت ذاته على حقوق الجميع في التعبير عن آرائهم ضمن إطار قانوني وأخلاقي واضح.