البلغة والشربيل هما من أبرز عناصر اللباس التقليدي المغربي، وقد حافظ المغاربة على استخدامهما عبر الأجيال في مختلف المناسبات. لا يمكن للزي المغربي أن يكتمل دون هذين النوعين من النعال، اللذين أصبحا جزءًا من هوية الثقافة المغربية التقليدية.
تُعتبر البلغة والشربيل من أقدم وأشهر أنواع النعال في شمال إفريقيا، ورغم بساطتهما، فإنهما يحملان بين طياتهما تاريخًا طويلًا من التطور والتكيف مع مختلف التغيرات الاجتماعية. فبينما يلبسها الجميع، من الفقراء إلى الأمراء، يتميز كلاهما بارتباطهما الوثيق بالاحتفالات والمناسبات الخاصة، مثل الأعياد والأعراس.
البلغة، التي تعتبر جزءًا من الزي الرسمي التقليدي، ارتبطت بشكل خاص بالطبقات العالية من المجتمع، فقد كانت تُصنع من جلود الأبقار أو الأغنام في دار دباغة الجلود، ثم يتم تطريزها بأيدٍ ماهرة من حرفيي مدينة فاس ومراكش. ويعتقد أن اسم “البلغة” يعود إلى قدرتها على تمكين صاحبها من الوصول إلى المكان الذي يرغب فيه بسهولة، مما يضيف لها لمسة من الفخر والترف.
الشربيل، الذي بدأ كنوع من النعال الخاصة بالنساء في القصور الملكية، تطور بمرور الوقت ليشمل طبقات أوسع من المجتمع، وصولًا إلى النساء من الطبقات المتوسطة والعامة. يُصنع الشربيل في البداية من الحرير ويطرز بخيوط الذهب، مما يجعله مناسبًا للعرائس والمناسبات الكبرى، ليصبح رمزًا من رموز الترف والأنوثة في المجتمع المغربي.
على مر العصور، تطورت صناعة الشربيل من كونه نعلًا مخصصًا للأميرات إلى عنصر أساسي في حياة المرأة المغربية، ليظهر بمختلف الألوان والأنماط المتنوعة. يشتهر اليوم الشربيل الذي يُصنع من الجلد أو الحرير، مع تفاصيل زخرفية أنيقة، ليصبح جزءًا من إكسسوارات النساء في الأعراس والمناسبات الفاخرة.
يتنوع استخدام البلغة والشربيل حسب المناسبة، ففي المناسبات اليومية، يُفضل ارتداء الشربيل البسيط مع الجلباب، بينما في الأعياد والاحتفالات، يتم اختيار الشربيل المطرز بالذهب أو الفضة. أما البلغة، فهي تجد طريقها إلى المحافل الرسمية والمناسبات التي يتطلب فيها الأمر حضورًا مميزًا ومناسبًا لمكانة مرتديها.
رغم التقليدية التي تميز هذين النوعين من النعال، فقد تطور تصميمهما ليتناسب مع العصر الحديث. لم يعد استخدام البلغة والشربيل مقتصرًا على المناسبات الخاصة فقط، بل أصبح شائعًا في الحياة اليومية، حيث ارتبطت الموضة الحديثة بإدخال مواد جديدة مثل الجينز في تصميمات البلغة، لتصبح مناسبة لكل الأوقات والمواقف.
على المستوى العالمي، حازت البلغة والشربيل على شهرة واسعة. فقد صنفت مجلة “فرويندين” الألمانية الشربيل المغربي كأحد أبرز صيحات الأحذية النسائية، وأشارت إلى أنه يوفر راحة كبيرة ويمنح القدم إحساسًا بالتهوية، بالإضافة إلى أنه يتناغم مع مختلف أنواع الملابس العصرية.
لقد أثبتت البلغة والشربيل أنهما لا يقتصران على مجرد نعال تقليدية، بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الموضة العالمية، وتحظى بتقدير كبير لدى النساء في كل مكان. مع تطور التصاميم وتنوعها، لم تفقد هذه النعال جاذبيتها التقليدية، بل أضحت رمزًا يجسد الأصالة المغربية وحرفيتها المتوارثة عبر الأجيال.
1
2
3