التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي محفزات أولى للكذب في العصر الرقمي

أظهرت دراسة حديثة أجرتها جامعة ستانفورد أن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي تلعبان دورًا بارزًا في زيادة معدلات الكذب بين مستخدميها. وكشفت الدراسة أن التفاعل الرقمي يشجع على نشر معلومات غير دقيقة أو مضللة، سواء كان الهدف هو تحسين الصورة الشخصية أو تحقيق أهداف اجتماعية ومادية. ومن خلال هذه الظاهرة، يبدو أن التكنولوجيا قد أصبحت أداة لتسهيل الكذب وجعله أكثر انتشارًا.
تعد منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام من بين الأسباب الرئيسية التي تدفع الأفراد إلى عرض صور مثالية عن حياتهم اليومية. العديد من المستخدمين يقومون بتضخيم إنجازاتهم أو تعديل صورهم لتبدو أكثر جذبًا وملاءمة للمعايير الاجتماعية. وقد أطلق الخبراء على هذا النوع من الكذب “الكذب البصري”، حيث يتم عرض نسخة غير حقيقية من حياة الأفراد لتحقيق إعجاب الآخرين. هذه المحاولات لتحسين الصورة الذاتية تساهم في تعزيز التصورات المغلوطة التي قد تؤثر على العلاقات الشخصية.
وفي السياق ذاته، أظهرت الدراسة أن المحادثات النصية والبريد الإلكتروني قد تكون بيئات محفزة للكذب، بالنظر إلى عدم وجود مواجهة مباشرة بين الأطراف المتواصلة. هذا الوضع يوفر مساحة أكبر للتلاعب بالحقائق، ويجعل الكذب أكثر سهولة وأقل تهديدًا للمصداقية. لذا، يسهم غياب التواصل الوجهي في انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير، مما يعزز ثقافة الكذب في المجتمع الرقمي.
وفي تعليق على هذه النتائج، أوضح الدكتور جون كارتر، أستاذ علم النفس الاجتماعي، أن “التكنولوجيا جعلت الكذب أكثر سهولة وأقل خطرًا”. إذ يوفر الإنترنت بيئة واسعة للأفراد لخلق واقع افتراضي بعيد عن العواقب الفورية، مما يجعل الكذب سلوكًا مقبولًا لدى البعض ويشجعهم على تقديم صور غير دقيقة عن أنفسهم.
الشباب، حسب نتائج الدراسة، هم الأكثر تأثرًا بهذه الظاهرة. إذ أظهرت الأبحاث أن 60% من الشباب يتبنون سلوك الكذب في وسائل التواصل الاجتماعي، سواء كان ذلك بهدف تحسين صورتهم الذاتية أو للظهور بشكل أفضل أمام الآخرين. هذه التصرفات قد تساهم في تآكل الثقة بين المستخدمين وتؤدي إلى زيادة مستويات القلق والاكتئاب، مما يخلق بيئة غير صحية على منصات التواصل.
لا يقتصر تأثير هذا النوع من الكذب على الأفراد فقط، بل يمتد ليشمل المجتمع ككل. فبينما يبدو البعض أكثر نجاحًا أو سعادة على الإنترنت، لا تعكس هذه الصور الحقيقة الكاملة، مما يزيد من المقارنات الاجتماعية السلبية بين الأفراد. وهذا يؤدي إلى تزايد مشاعر العزلة والفشل، مما يعزز من آثار هذه الظاهرة في حياتهم اليومية.

1

2

3

التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي محفزات أولى للكذب في العصر الرقمي