فيلم “أبي لم يمت” ملحمة سينمائية تسافر بالمشاهد إلى سنوات الرصاص

احتضنت سينما “ميغاراما” في مدينة الدار البيضاء عرضًا خاصًا للفيلم السينمائي “أبي لم يمت”، من إخراج المبدع المغربي عادل الفاضلي. تميز العرض بحضور مجموعة من أبرز نجوم السينما المغربية، الذين تركوا بصمتهم في عمل يُبرز حقبة مفصلية من تاريخ المغرب، والمعروفة بـ”سنوات الرصاص”. هذه الفترة المظلمة أعادها الفاضلي إلى الحياة من خلال قصة مؤثرة وعميقة تجمع بين الواقع والخيال.
تألقت أسماء بارزة في هذا العمل السينمائي، منها الراحل عزيز الفاضلي الذي أضاف حضوره إلى الفيلم طابعًا خاصًا ومؤثرًا. كما شارك عبد النبي البنيوي، وفاطمة عاطف، ونادية كوندا، وياسين سكال، إلى جانب آخرين، في تقديم أدوار متنوعة ومتكاملة. هذه الكوكبة من الفنانين قدمت أداءً ينسجم مع الرؤية الفنية لعادل الفاضلي، الذي جعل من الفيلم تجربة سينمائية تحاكي الوجدان وتلامس التاريخ.
في تصريح خاص، أوضح المخرج أن فيلم “أبي لم يمت” يندرج ضمن “سينما المؤلف”، حيث يجمع بين الأسلوب الفني المتميز والرؤية الشخصية العميقة. تدور أحداث الفيلم في زمن سياسي واجتماعي صعب، لتروي معاناة شريحة من المجتمع المغربي التي تأثرت بتلك الحقبة. يسعى الفاضلي من خلال هذا العمل إلى توثيق هذه المرحلة، ليتيح للأجيال الجديدة فرصة لفهم التحديات التي مهدت الطريق لاستقرار المغرب وازدهاره في الوقت الحاضر.
استغرقت رحلة تصوير الفيلم سنتين كاملتين، وتمت على مراحل متقطعة نظرًا للتحديات التي واجهها فريق العمل. أكد عبد النبي البنيوي أن الالتزام برؤية المخرج كان من أولويات جميع المشاركين، ما ساهم في خلق أجواء من التعاون والانسجام. الفيلم يمثل شهادة فنية وإنسانية على قدرة السينما المغربية على تناول القضايا التاريخية برؤية مبتكرة وجريئة.
أحداث الفيلم تدور في سيرك يجمع بين شخصيات تعيش على الهامش، حيث تقدم القصة من خلال منظور الطفل “مالك”، الذي يضيف لمسة إنسانية وعاطفية على السرد. هذا النهج أعطى للفيلم طابعًا خاصًا يميزه عن الأعمال التقليدية، ما جعله قادرًا على إيصال رسائله بعمق وإبداع.
فيلم “أبي لم يمت” ليس مجرد عمل سينمائي، بل هو رحلة تستحضر الألم والأمل معًا. من خلال رؤية إخراجية متقنة وأداء متميز، يُبرز الفيلم الصراع الإنساني الذي عاشه المغاربة في فترة مفصلية من تاريخهم. هذا العمل يُعيد إلى الواجهة دور السينما في توثيق التاريخ وتقديمه بأسلوب يمزج بين الحقيقة والإبداع، ليظل محفورًا في ذاكرة المشاهدين لسنوات طويلة.