في خطوة هامة تهدف إلى تعزيز حماية التراث الوطني، عرض وزير الثقافة والشباب والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، مشروع قانون رقم 33.22 أمام مجلس النواب في السابع من يناير 2025، والذي يسعى إلى حماية التراث المادي وغير المادي المغربي من محاولات الاستحواذ الأجنبي. حيث يهدف هذا القانون إلى تأمين التراث الوطني ومكافحة الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية، مع العمل على رقمنتها لتسهيل الوصول إليها وحمايتها.
يجسد هذا المشروع جزءًا من استراتيجية وطنية واسعة، تأخذ في اعتبارها الاكتشافات الأثرية الهامة التي حققتها المملكة، فضلاً عن أهمية هذا التراث في تعزيز موقع المغرب على خريطة الآثار العالمية. ويتزامن هذا المشروع مع استعدادات المغرب لاستضافة كأس العالم، مما يعكس أهمية التراث في إبراز الثقافة المغربية والتعريف بها على المستوى الدولي.
كما شدد بنسعيد في حديثه على أن المشروع يأتي في إطار سعي المغرب لتطوير الإطار القانوني المتعلق بالتراث الثقافي الوطني، بما يتماشى مع المعايير الدولية التي صادق عليها المغرب. ويراعي هذا التعديل التوجهات الحديثة في الحفاظ على التراث وتطويره، بالإضافة إلى تحفيز الصناعات الثقافية والإبداعية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
أحد الجوانب البارزة في مشروع القانون هو تعريف التراث الثقافي الوطني وتحديد أصنافه بشكل يتماشى مع المفاهيم العالمية المتفق عليها، ويشمل هذا التراث المغمور بالمياه، بالإضافة إلى التراث الطبيعي والجيولوجي. كما يعزز من قيمة المعارف والمهارات التي تنتقل عبر الأجيال، بما يتناسب مع الحفاظ على المعالم التاريخية والمجموعات الثقافية الهامة التي تمثل الهوية المغربية.
في هذا السياق، أشار الوزير إلى دور المغرب في حماية التراث الثقافي غير المادي، مستندًا إلى الرسالة الملكية التي ألقاها الملك محمد السادس خلال الدورة الـ17 للجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي. وتعد هذه الرسالة تأكيدًا على التزام المملكة بحماية التراث الثقافي غير المادي من محاولات الترامي عليه، مثلما حدث مع القفطان المغربي والزليج المغربي. ومن هنا، تبرز أهمية هذا القانون في تفعيل آليات حماية هذا التراث وتثمينه على الصعيدين المحلي والدولي.
كما ركز بنسعيد على الحاجة إلى تحديث الإطار القانوني لحماية هذا النوع من التراث، خاصة في ظل التحديات التي تواجه بعض العناصر الثقافية الأصيلة في ظل التوسع الكبير في الفضاءات الرقمية، مما يستدعي وضع آليات تشريعية حديثة لضمان استمرارية هذه المعالم الثقافية. وأكد أن من بين المستجدات المهمة التي يتضمنها القانون هو ضبط تصدير اللوحات الفنية والمجسمات المستوحاة من الصناعة التقليدية، وتنظيم عمليات التصدير بما يتماشى مع الحفاظ على القيمة الثقافية.
يشمل مشروع القانون الجديد أيضًا تحديد العقوبات اللازمة لمكافحة المخالفات المرتبطة بالتراث الثقافي، مع تعزيز الحماية القانونية له عبر مساطر واضحة تتضمن التسجيل في لائحة التراث العالمي والاعتراف بهذه العناصر كآثار وطنية. بالإضافة إلى وضع قواعد لحماية التراث عبر المسؤولية المشتركة بين الحكومة ومالكي التراث لضمان صون هذه الممتلكات للأجيال القادمة.
من خلال هذا المشروع، يظهر التزام المملكة المغربية بترسيخ قيم التراث الثقافي وتعزيز حمايته عبر قوانين حديثة وفعالة، تتواكب مع التحولات الدولية وتحمي التراث من الاستحواذ الأجنبي، مما يضمن استمرارية الحفاظ على الهوية الثقافية للبلاد.
1
2
3