تسعى الحكومة المغربية بشكل مكثف إلى مواجهة ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء الذي ألقى بثقله على المواطنين، حيث تم اتخاذ إجراءات عديدة، من بينها الاستيراد كخطوة لتخفيض الأسعار.
ورغم ذلك، لا تزال الأسعار مرتفعة في الأسواق المحلية، إذ تتراوح بين 80 و90 درهمًا للكيلوغرام بالجملة، وتصل إلى حوالي 110 دراهم للمستهلك. هذه الفجوة الكبيرة أثارت تساؤلات حول مدى فعالية التدابير الحكومية المتخذة لتحقيق الاستقرار المطلوب.
1
2
3
وفي تصريحات لرئيس الجمعية الوطنية لهيئة تقنيي تربية المواشي عبد الحق البوتشيشي، أوضح أن اللحوم المستوردة دخلت الأسواق بأسعار تنافسية في البداية، حيث بلغت نحو 80 درهمًا للكيلوغرام في بعض المناطق. لكنه أشار إلى أن الأسعار سرعان ما ارتفعت لتقترب من أسعار السوق المحلية، مما يعكس نجاحًا محدودًا في السيطرة على الأسعار وسط التحديات المتعددة التي تواجه القطاع.
وأشار البوتشيشي إلى غياب خطط واضحة كدفاتر التحملات التي تحدد التزامات المستوردين وتضمن جودة المنتجات المستوردة. كما انتقد ضعف الدراسات التحليلية التي تسبق وتلي عمليات الاستيراد، مما جعل التأثير الإيجابي لهذه الخطوة أقل من المتوقع.
اقتراحات لتحسين قطاع اللحوم
ومن بين الحلول التي اقترحها البوتشيشي، فتح طلب عروض دولي لضبط الأسعار بشكل أكثر دقة. كما شدد على ضرورة توجيه اللحوم المستوردة مباشرة إلى المجازر البلدية، مما يحد من تدخل الوسطاء الذين يرفعون الأسعار بطريقة غير مبررة. وأكد كذلك على أهمية التركيز على دعم قطاع الإنتاج الوطني، من خلال مساندة المربين المحليين واستيراد النعاج الحوامل، الأمر الذي من شأنه تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على اللحوم المستوردة.
تحسين الإحصاءات وإعادة هيكلة القطاع
وأشار البوتشيشي إلى الحاجة الملحة لتحسين الإحصاءات المتعلقة بالقطيع الوطني. إذ يعتبر ذلك خطوة أساسية لضمان استدامة القطاع وتحقيق الاكتفاء الذاتي. فإعادة هيكلة القطاع مع توفير الدعم اللازم للمربين من شأنه أن يخلق منظومة أكثر تماسكًا واستقرارًا على المدى الطويل.
الجهود الحكومية لتنظيم الاستيراد
وفي إطار جهود الحكومة لتأمين سلامة اللحوم المستوردة، أصدر المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) لوائح جديدة تتعلق بقواعد الاستيراد. تضمنت هذه اللوائح تحديد الدول المسموح الاستيراد منها، مثل دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية وأستراليا ونيوزيلندا. وترك المكتب الباب مفتوحًا لإدخال تعديلات على هذه القائمة في حال ظهور أي مخاطر صحية مرتبطة باللحوم المستوردة.
تحديات تؤثر على استقرار القطاع
رغم الجهود المبذولة، تظل هناك تحديات كبرى تواجه القطاع. من أبرزها ارتفاع تكاليف الأعلاف، واستمرار موجات الجفاف التي تؤثر على الإنتاج الحيواني. بالإضافة إلى تعدد الوسطاء الذين يسهمون في رفع الأسعار بشكل غير مبرر. هذه العوامل تتطلب رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى تحقيق استدامة القطاع وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
حلول مستقبلية لضمان استقرار القطاع
ويؤكد المختصون على أن تطوير القطاع الوطني يحتاج إلى سياسات طويلة الأمد تشمل تقديم دعم أكبر للمربين وتعزيز الإنتاج المحلي للحوم. كما ينبغي التركيز على تطوير منظومة وطنية تضمن الاكتفاء الذاتي واستقرار الأسعار، مع تحسين إدارة الموارد الزراعية والحيوانية. تحقيق هذه الأهداف يتطلب تنسيقًا بين مختلف الجهات المعنية لتجاوز العقبات الراهنة وتحقيق استدامة القطاع.